Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

كاوست.. تعيد حضارة المسلمين (1)

A A
بدعوة كريمة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) للجمعية السعودية لكتاب الرأي، قمت وكوكبة من زملاء الكلمة بزيارة لذلك الصرح الشامخ؛ فالجمعية قامت مشكورة بمواكبة الأحداث وأتاحت الفرص لكتاب الرأي للقاءات ثرية في الرياض مع بعض من معالي الوزراء، ولقاءات في جدة مع سمو نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بدر بن سلطان، ولقاء في مكة مع معالي أمين العاصمة المقدسة محمد القويحص.. ولكنني أعتب على قلة الجمع حيث لا يمثل الأعضاء الحاليون سوى 10% تقريباً.. وربما كان عمل جمعية عمومية وطرح بعض الآراء الجوهرية في تحسين وضع الجمعية أمراً مهماً؛ لوضع نظام مؤسساتي، ومنه معايير قبول العضوية.. فمن ليس له منتج إبداعي فهو عبء على المكان والمكانة..!!.

أعود لتلك الزيارة الاستثنائية.. فقد كانت تجربة ثرية والتخطيط والتنفيذ يدل على الدقة وسعة الأفق واحترام لوقت الإنسان الثمين والذي تهدره الكثير من الجهات..!!.

قامت (كاوست) على رؤية حكيمة من مؤسسها الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله - فقد أراد أن يعيد (حضارة الإسلام) ومجده من خلال العلم والتقنية التي بدأها علماء المسلمين الأوائل؛ حيث أراد أن يبني (أندلساً) جديداً في وطننا العربي الإسلامي يستقطب طلاب العلم، والعلماء، والباحثين، لحلول مشكلات العالم في (الغذاء، البيئة، والمياه، والطاقة) . فكان له ما أراد.. ثم بمتابعة هذا الصرح من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان شق هذا الصرح عباب السماء ليصبح في المركز الأول عالمياً وينافس كبرى الجامعات العالمية مثل جامعة هارفرد.. وجونز هوبكنز، وستانفورد.. ويشكل طلاب كاوست مجتمعاً عالمياً يضم 7000 عضو و1000 طالب ماجستير ودكتوراه و 150 عضو هيئة تدريس و400 زميل و 150 عالم أبحاث. هذه النخبة أحدثت حراكاً علمياً عالمياً بأبحاثهم ودراساتهم فهناك: علوم الهندسة البيولوجية والبيئة، ومنها علوم البحار وعلوم النبات، وهناك الهندسة الحاسوبية والكهرباء الحسابية، والهندسة الفيزيائية وعلوم الأرض.. وخريجو الجامعة كوادر تستقطبهم الشركات العالمية والجامعات للعمل لديهم.. وهذا أكبر فخر للدولة السعودية أنها تخرج كوادر بمميزات عالمية.

ومع أن الجامعة لا تستقبل سوى الدرجات العلمية العليا ماجستير، دكتوراه، زمالة، وبحوث علمية.. ولكن مع ذلك اهتمت بإنشاء مدارس توفر خدمات تعليمية للأطفال وحتى الصف الثاني عشر وحصولها على ترخيص لتدريس البكالوريا الدولية واعتماد أكاديمي من مجلس المدارس الدولية من خلال توفير مناهج متوازنة، وفصول مجهزة بأحدث التقنيات ونوادٍ رياضية ومسارح.. مع رعاية كاملة للموهوبين والموهوبات وتدريبهم على الأولمبياد في العلوم والرياضيات والدخول في المنافسات العالمية. هذا هو الاهتمام بالعنصر البشري وإعداده علمياً وتقنياً، قد واكبه استعدادات وبنى تحتية ضخمة في الكوادر البشرية المؤهلة ومنها وجود رئيس الجامعة الدكتور (توني تشان) الأمريكي من أصل صيني فجمع بين القوتين.. وكان عميداً للعلوم الفيزيائية في جامعة (UCLA)، وكذلك سعادة الأستاذ سليمان الثنيان نائب رئيس كاوست للشؤون الحكومية؛ وهو شخصية تتميز بدماثة الخلق، وجم التواضع تحدث لنا بفخر عن إنجازات الوطن في كاوست.. هذا الشخص يبرهن أن الرؤية التي وضعت قد أصبحت موضع التنفيذ فالجامعة الآن الجسر المعرفي بين شعوب العالم باختلاف ثقافاتها وتنوع خلفياتها المعرفية، وهي مقصد للباحثين الواعدين.. نعم لقد أعادت كاوست حضارة المسلمين وأصبحت بيت الحكمة الجديد الذي أنشأه المسلمون الأوائل.. (وللحديث بقية إن شاء الله).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store