Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

(بوتين) يعيد (كاترين) لذاكرة (أردوغان)!

A A
(إدلب) هذه المدينة العصية حتى الآن عن الحلول، تشبه إلى حد بعيد نارًا تختفي تحت رماد، لا يجد سكانها ملاذًا يقيهم من نيران أربعة قوى تتصارع على أرضهم، الجيش السوري والروسي والتركي والإيراني تحت حجج شتى، ويذهب أبناؤها ضحية تلك المتناقضات بين تلك القوى، ولا أحد يلتفت إليهم.. لكن حدثًا هامًا حصل على الجنود الأتراك في هذه المدينة البائسة، قلب الأحداث رأسًا على عقب، إذ قُتل ٣٣ جندياً تركياً في إدلب من قبل الطيران السوري، الأمر الذي دعا الرئيس (أردوغان) بأن يصرح بأن قواته ستقوم بالرد على ذلك الهجوم، ويتقدم برجاء للرئيس الروسي (بوتن) بأن يسهل عليه مهمة معاقبة النظام السوري، حيث لا يمكنه أن يبقى صامدًا أمام حدث كهذا.

وفي الوقت الذي بذل فيه الرئيس الروسي جهوداً مكثفة لاحتواء الموقف وتهدئة الجانب التركي، كان يعزز قواته في البحر المتوسط مقابل السواحل السورية لكي يبعث بإشارة إلى (أردوغان) تحمل أكثر من مغزى، ومن ثم دعاه لزيارته لاحتواء الموقف.

ولا أعرف إن كان الرئيس التركي قد فهم المغزى من اختيار الروس بعث الفرقاطتين (الأدميرال غريغوروفيتش) و(ماكاروف) إلى منطقة الصراع أم لا؟! فالمعروف أن الفرقاطة (ماكاروف) تحمل اسم القائد الذي وجه الضربة للبحرية العثمانية في الحرب التي تمت بين عامي ١٨٧٧ -١٨٧٨، في حين أن الأخرى تحمل اسم الأدميرال الذي كان آخر وزير للبحرية الإمبراطورية الروسية ما بين ١٩١١ - ١٩١٧ لدى قصفها السواحل العثمانية، وللتأكيد بأن الروس كانوا يعنون لفت نظر الرئيس التركي هو نصبهم تمثال (كاترين العظيمة) أعظم شخصية حكمت البلاد الروسية في التاريخ الحديث، ومن أشهر النساء الحاكمات عبر التاريخ، تم نصب تمثالها في البهو الذي استقبل فيه الرئيس الروسي نظيره التركي، والأتراك يذكرون التاريخ جيدًا، ويعرفون بأن (كاترين) سببت لهم الكثير من المتاعب خلال حكمها، إذ تحالفت مع الكثيرين لوقف المد العثماني، وخاضت حروباً معهم عام ١٧٦٨ وانتزعت شبه جزيرة القرم.

ويرى الأتراك بأن الاتفاقيات التي يوقعها رئيسهم مع الرئيس الروسي (بوتن) حول إدلب وغيرها لا تبتعد كثيرًا عن الاتفاقيات المذلة -كما يسمونها- التي تمت في عهد السلطان العثماني (عبدالحميد الأول)، التي حدَّت من نفوذه ومكانة بلاده على الساحة العالمية على يد الإمبراطورة (كاترين العظيمة)، ولاسيما وسائل الإعلام التركية التي اختلفت مواقفها من أحداث (إدلب)، بين من يتهم (أردوغان) بالتحول إلى ألعوبة بيد موسكو وواشنطن ومن يتهمه بالتراخي.

نعود إلى (إدلب) المدينة الضحية لنتساءل: هل الاتفاق الأخير بين الرئيسين الروسي والتركي حول وقف اطلاق النار سيحترم من قبل كل الأطراف؟! أم سيكون مثل سابقاتها من الاتفاقات التي لم تحترم وتنفذ لكونها لم تتناول الأزمة الإنسانية أو تنص على فرض حظر جوي في إدلب؟!، ١٣ جولة من المفاوضات في (استانا) حول سوريا، خرجت منها روسيا وتركيا وإيران بصفتها الدول الضامنة لحماية المدنيين وكذلك العسكريون التابعون للدول الضامنة في (إدلب)، ولم يحدث أي تقدم، بل ساء الوضع فيها، وكانت النتيجة النهائية ما حصل الأسبوع الماضي للجنود الأتراك.. للأسف تحولت سوريا لمنطقة صراع يقتل فيها الدخلاء أبناء الشعب السوري ويهجرونهم من مناطقهم تحت سمع وبصر القيادة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store