Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سلطان عبدالعزيز العنقري

مصالحنا أولاً..

A A
قلنا، وكررنا القول، ومازلنا نقول إن المصالح هي التي تحكم العلاقات بين الدول، فالمصالح هي التي توجه السياسات.

في المملكة العربية السعودية لدينا طاولة عليها بوصلة كبيرة جداً يقف خلفها رجال مخلصون وطنيون تنفيذيون ينظرون إلى هذه البوصلة على مدارالأربع والعشرين ساعة، والسبعة أيام في الأسبوع، بدون كلل أو ملل. وينفذون أوامر هذه البوصلة بعيداً عن السياسة وألاعيبها وقذاراتها التي تزكم الأنوف. هؤلاء الرجال المخلصون الوطنيون الأوفياء لوطنهم إذا وجدوا أن مؤشر البوصلة لمصالحنا يتجه إلى الشمال حزموا حقائبهم وتوجهوا للشمال، وإذ وجدوا المؤشر لمصالحنا متجهاً للجنوب ذهبوا للجنوب، وإذا وجدوا أن المؤشر لمصالحنا متجه نحو الشرق اتجهوا للشرق، وإذا وجدوا المؤشر لمصالحنا متجهاً للغرب اتجهوا للغرب.

تلك المقدمة السابقة تقودنا إلى ما يحصل الآن مع روسيا في موضوع خفض الإنتاج بين منظمة أوبك + روسيا، غير العضو في المنظمة. الشراكة الحقيقية مع دولة عظمى كروسيا أمر مطلوب بل ومهم، ولكن الشراكة الحقيقية هي أن كل دولة عليها أن تتفهم مصالح الدولة الأخرى. لدينا رؤية المملكة الطموحة 2030، والتي تعتمد على تنويع مصادر الدخل لكي نتخلص من شيء اسمه الاعتماد على البترول، نريد خلال العشر سنوات القادمة، أي بحلول عام 2030، أن نقفل آبار البترول كمصدر دخل ناضب ووحيد ونحفظه لأجيالنا القادمة، لنتجه بعدها إلى مرتكزات الرؤية التي تعتمد على الطاقة، وعلى التعدين (الثروة المعدنية)، وعلى الصناعة، والسياحة، والاستثمار، وعلى المواطن، وعلى توطين العقول، وتوطين التقنية، وتوطين الصناعات، وكوريا الجنوبية أنموذج يجب أن يحتذى بها، وهي لا تملك بترولاً ولا غيره؟!.. نقول لروسيا إن عليها أن تتفهم بأننا إلى يومنا هذا من بداية الرؤية وحتى نهاية 2020 نعتمد على ما نسبته ما بين 55 إلى 60 % في دخلنا الوطني من دخل البترول، في حين روسيا لا تعتمد إلا بنسبة 30 % على البترول في دخلها الوطني، والفارق بيننا وبين روسيا هو قرابة النصف؟!. بترولنا لنا ومن حقنا أن نتصرف به كيفما نشاء طالما لدينا مصالح، ورؤية نريد تحقيقها من خلال هذه السلعة الناضبة المسماة «نفط». نريد أن ننمي مجتمعنا لكي نتخلص من الحسدة والحاقدين والمتربصين بنا، وبأمننا الوطني من خلال هذه السلعة التي جلبت لنا التبعية الاقتصادية لأسواق النفط ارتفاعاً وانخفاضاً وغيرها، وأصبحت ميزانيتنا هي فقط لدفع الرواتب للموظفين على حساب المشاريع التنموية. نريد أن نتحول من ميزانية قطاع عام حكومي إلى ميزانية قطاع خاص تخلق الوظائف بالملايين للمواطنين، الذين يريدون أعمالاً في وطنهم، وهذا حق من حقوقهم. رؤية المملكة رؤية مدروسة متدرجة في الإصلاح وليست رؤية الرئيس الأسبق للاتحاد السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، الذي يريد أن يتحول في رؤيته الإصلاحية المسماة «البريسترويكا» من النظام المالي الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي في يوم وليلة، مما أدى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، بعكس الصين الدولة العظمى التي تتدرج بالتحول، بشكل مدروس من النظام الاشتراكي إلى الرأسمالي لتصبح قوة اقتصادية بمعدلات نمو عالية.

رؤيتنا طموحة يقف خلفها «حكم رشيد» يحارب الفساد، ويتخلص من معطلي التنمية من المسؤولين الفاسدين إدارياً أو مالياً وكل ما من شأنه إفشال هذه الرؤية. ونختم بالقول بأن على الجميع أن يعلم أن مصالحنا تأتي أولاً، ولن نجامل أو نقدم الصداقة على المصالح، ومن لا يريد شراكتنا على هذا «المبدأ» فليبحث عن شراكات أخرى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store