Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

كورونا والمنطق المقلوب!

A A
«جزاء سنمَّار»، قول يضرب به المثل لنكران الجميل وقتل فاعله.. وقلَّ من أبناء هذا الجيل من يعرف أصل هذا المثل.. يُروى أنَّ المهندس البيزنطي الشهير سنمار كان قد بنى قصر الخورنق للملك العربي النعمان سنوات قبل بزوغ الإسلام.. ويوم تسليم المبنى، قال المهندس سنمَّار للملك بأنَّ في المبنى آجرَّة لو زالت من مكانها لسقط القصر كلُّه.. وأنَّه هو فقط ولا أحد سواه يعلم مكانها.. وحيطة من الملك كي لا يفشي سنمَّار لأحد بمكانها، طلب منه أن يتجوَّل معه في القصر.. فما كان من الملك النعمان إلَّا أن ألقى به من أعلى القصر.. فذهبت حادثة قتل فاعل الخير بدون سبب مثلًا.

وكأنَّ التاريخ يعيد نفسه.. ففي عام 2019 سجَّل التاريخ (حكاية سنمَّار) جديدة.. الدكتور جانغ كيجيان؛ أستاذ علم الأمراض الفيروسيَّة وأحاديَّات الخليَّة في جامعة (ووهان الوطنية- WHU) الذي أدَّت أبحاثه إلى إمكانيّة عودة ظهور فايروس كورونا.. ورفع تقريرًا بذلك إلى الإدارة الصحيَّة العليا في (مقاطعة خوبي) الصينيَّة، مكان ظهور أوَّل إصابة رسميَّة بهذا الفايروس، ووفاة الدكتور كيجيان كذلك.. وكانت -حسب تقرير الطبيب الشرعي- نتيجة «هبوط حادٍّ في الدورة الدمويَّة».. وحسب المعلومات الواردة قيل إنَّها عمليَّة اغتيال ارتكبتها المخابرات الصينيَّة جزاء له كي لا يُعلم أحداً باكتشافه، ويفضي بإشاعة تهدف إلى تشويه سمعة المقاطعة التي تعتبر مركزًا هامًّا من مراكز الصناعات في الصين.. وسيضرُّ بالتالي باقتصاد (مقاطعة خوبي) ومركزها مدينة ووهان التي فيها أكبر مختبرات أبحاث علميَّة في جنوب شرق الصين.. وهي استثمار صيني أمريكي أوروبي، أنشئت عام 2000 لدراسة أنواع الفايروسات المتجمَّدة داخل الأحفوريَّات القديمة.. كانت مهمَّة هذه المختبرات فك (شيفرة) هذه الأحفوريَّات، والبحث عن أسباب انقراض بعض أنواع الجنس البشري كالذي عاش في زمن عدم ثبات القشرة الأرضيَّة وحدوث المجاعة الكبرى، أو ما يسميِّها العلماء بِـ»أبوكاليبس الأوَّل».. وقد حدثت فيها عمليَّات تفاعل لسلاسل جينيَّة من البكتيريا قبل مئة وخمسين ألف عام، أدَّت لظهور نوع قاتل منها، يعتقد العلماء أنَّه كان السبب الأكبر في إبادة جزء كبير من الجنس البشري، يقدِّره العلماء بأكثر من ثلاثة مليارات إنسان في ذلك الوقت.

في 2003 استطاع العلماء في مختبرات ووهان الصينيَّة إعادة تفعيل فايروس متجمِّد داخل خليَّة حيوانيَّة كانت ضمن مجموعة من الأحفوريَّات التي تمَّ العثور عليها على حدود (مقاطعة خوبي).. شكّل هذا الحدث صعقة علميَّة لما قد يحمله من خطورة كبيرة إذا ما استطاع العلماء إعادة تفعيل مجموعة من الفايروسات شديدة الفتك انتهت ولم يعد لها أثر ضمن العائلة الفايروسية الكبرى المكتشفة حاليًّا.

قد تكون هذه القصَّة إذا صحَّت، وراء وهم فايروس كورونا كما أراد لنا الأوروبيُّون أن نعتقد!.

فعلى سبيل المثال، نأخذ هذا الافتراض من تقرير لوزارة الماليَّة الإيطاليَّة عن عجز قد يصل إلى ثمانية عشر مليار يورو أُرفق بمشروع ميزانيَّتها لعام 2020.. وفي حديث للمستشارة الألمانيَّة أنجيلا ميركل في اليوم الثامن من الشهر الثامن من العام 2019، تحدَّثت فيه عن الفئات التي تكلِّف ميزانيَّة ألمانيا الاتحاديَّة مئات ملايين اليويورهات سنويًا بدون تفعيل نظام عادل للضمان الاجتماعي بعد وصول فئة كبيرة سنِّ الستِّين.. وفي حديث مماثل للرئيس الفرنسي في اليوم الرابع من الشهر التاسع للعام نفسه، أبدى فيه انزعاجه الشديد خلال زيارته لمدينة مرسيليا من اصرار الحزب الديمقراطي المسيحي الفرنسي على إدراج مخصَّصات التقاعد لأكثر من خمسة عشر مليون فرنسي ضمن موازنة 2020 بدون استثمار أموال صندوق الإعانة والمعاشات.. وفي تعهُّد رئيس الوزراء البريطاني في السابع عشر من الشهر التاسع من العام 2019 أيضًا، طالب بوقف نزيف الموازنة البريطانيَّة، وبخروج نهائي لبريطانيا من الاتِّحاد الأوروبي، وتخلِّيها عن اتفاقيَّة (الأمن المعيشي المشتركة) لكبار السنِّ في أُوروبا.. تبع ذلك مهاجمة نائب الرئيس الأمريكي ترمب للديمقراطيِّين في مجلس النواب لتمسُّكهم بعدم المسِّ بقانون الضمان الاجتماعي الذي يصرُّ ترامب على تغييره.

في ضوء ما تقدَّم قد يكون إعادة الحياة إلى هذا الفايروس المدمِّر هو إبادة كلِّ من وصل المربع الرابع من العمر، ويجبر الدولة التي ينتمي اليها أو لجأ إليها لتوفير مبالغ تأميناتهم وضماناتهم الاجتماعيَّة إزاء وقف العجز المالي المتزايد سنة بعد سنة.. ولا غرابة أو استهجانًا، ففي قيم مجتمعات وسلوكها لا تؤمن بحكمة ربِّ العالمين: ﴿وَلَا تَقْتُلوا أَوْلَادَكُمْ خِشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم﴾، يصبح الإنسان رقمًا يمكن الاستغناء عنه كلَّما دعت الحاجة الماديّة لذلك.. وعندما تتحوَّل المجتمعات البشريّة كافَّة لسجون مكتظَّة، تقتضي الحاجة للخلاص من نزلائها.. وهكذا للقضاء على فيروس كورونا، يجب القضاء على ضحيَّتها! ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنْ أَكْثَرُ النّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store