Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أسامة حمزة عجلان

الجنة ليست كما يتصوَّرها ويصوِّرها البعض

A A
المتطفلون على مائدة الدعوة كثر، ومع قلة مفهومهم وفهمهم عن الدين إلَّا أن الكثير من البسطاء يتداولون مقاطعهم وأقوالهم وكأنها من الدين.

وأخيرها وأنا واثق أنها ليست آخرها، متطفل يحدِّث عن الجنة ونعيمها وقصر نعيمها على المتعة الجنسية، وأورد حديثاً لا يصح عن الحبيب المجتبى المصطفى صلى الله عليه وسلم، والحديث لا يليق أصلاً لما فيه من كلمات لا تليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأجزم أن الحبيب صلوات ربي عليه لا يقول ولا ينطق بها.

وصوَّرالمتطفلُ الجنةَ بأنها متعتها الحور العين والنساء، وهات من ذلك القول، وذكر الحديث الذي لا يصح، والمستمعون يظهر عليهم الجهل المصاحَب بالتكبير والتهليل، وغفل المتحدث عن متعتها التي قالها عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربنا عز في علاه في الحديث القدسي: «قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ»، قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهمْ مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ).

فلو كانت المتعة الجنسية هي الهدف الأسمى والأكبر والأعم والمقصود والمنشود بين الرجال والنساء لسبقت هذه المتعة في الدنيا بين الزوجين قبل الجنة ونعيمها وكانت هي المقصد الأساسي للزواج في حين أن الزواج له مقاصد وأهداف ومعانٍ سامية أكبر من الجنس، وتتمثل في قول الله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إلَيها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذٰلكَ لآياتٍ لِّقومٍ يتفكرون)، إذاً السكينة والمودة والرحمة أسمى أهداف الزواج والعلاقة بين الزوجين والجنس تبعاً لذلك حفاظاً على النسل الذي قدره المولى تعالى بأن يكون الخلق بعد سيدنا آدم عليه السلام وأمنا حواء بالتناسل واستثنى سيدنا عيسى عليه السلام من الأب لحكمة يريدها ومعجزة على الأرض بما يخرج عن المألوف للبشر. وقال الله عز في علاه عن التزاوج: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )، ويظهر جلياً أنهم حرث وهو مطلب للنسل والتناسل (علماً بأن الكثير لا يعرفون كيف يقدمون لأنفسهم).

بقى بأن أختم بأكبر وأجل وأسمى وأقدس وأهم وأعم والمطلب الأكبر لمن يدخلون الجنة لا حرمنا الله من ذلك اليوم وهو غاية المطالب وبأن نكون بجوار الحبيب صلى الله عليه وسلم «يوم المزيد» الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)، يوم يتجلى المولى عز في علاه بوجهه الكريم لعباده الصالحين من أهل جنة النعيم الذين هم على سرر متقابلين. لا حرمنا الله من ذلك اليوم وهو غاية المطلب بعد عناء الدنيا، والتكاليف التي فيها نسأل الله أن نؤديها بما يرضيه عنا ويدخلنا برحمته وغفرانه جنته التي وعد بها المتقين من عباده.

رسالة:

لنعملْ لجنة النعيم ولا يكن مطلبنا فيها متعة حتى هذه المتعة في الدنيا بين الأزواج وقتية وليس لها الدوام، والسمو بالروح والعلاقة الروحانية برب العباد أجل وأمتع راحة أبدية.

وما اتكالي إلَّا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store