Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد حسن فتيحي

قسوة تصنع رجالاً..

شمس وظل

A A
كانا أخوين.. كل منهما له أسلوبه في التربية..

فالأول.. يناصر أولاده.. والآخر.. يناصر الآخرين عليهم..

مضت الأيام..

يعيش كل ولد من أولاد المنَاصرين في عز ورغد وفسحة من الحرية والخروج والدخول وقتما شاء..

والآخرون في خوف وبُعْد عن الخروج والاختلاط.. أو إنصاف أنفسهم من سطوة المعتدين عليهم..

أمام هذه المفارقات والمتناقضات.. أخذت الأم موقفاً منحازاً نحو أبنائها..

فأصبحت تجد أعذاراً لوالدهم على طريقته.. وأنه محب للخير لهم..

ومتطلباً لأن يكونوا رجالاً عاملين أقوياء..

من شدة الهزيمة مات أحدهم وهو في العقد الثاني من عمره..

أما الآخر فقد كانت أمه تشد من أزره وتساعده على منغصات الحياة..

بمؤازرات أمه نجح وتفوق في مدرسته ثم في عمله..

لكنه لم يستمر في الدراسة لأن ظروفه العائلية لم تسمح له بالاستمرار..

أما الآخر.. فقد اختلف الإخوة.. وضاعت المواقف.. وهُزمت العائلة.. وأصبحت في خبر كان..

انطلق بمؤازرة أمه.. وافتتح له محلاً تجارياً.. ولا يزال يعاني من مواقف أبيه..

فقد كانت نصائحه وتأنيبه ولومه علانية.. وأمام كل من يحضر دون استثناء..

اشتكى كثيراً لأمه.. التي كانت تواسيه وتنسيه وتتوجع معه..

تقدم في عمله.. وأصبح ذا إيرادات فتزوج..

وأبوه لا يزال صارماً معه..

كانت الأم تناجي ربها وتدعو الله لابنها..

مرض أبوه.. فأخذ يراعيه ويهتم به ويكرمه..

قال له الأب.. لقد كنتَ باراً.. وتحملتني ولم أقصد غير أن تكون رجلاً قوياً..

وأكرمني الله بك.. فأصبحت عطوفاً وحنوناً..

وإني لأعلم أن أمك كانت تواسيك وتنسيك.. وكنت أشجعها على ذلك..

يا بني.. إن أمك هي التي أكرمك الله بها.. فاعتنِ بها.. وحافظ على برِّها..

أما أنا.. أحمد الله الذي منَّ عليّ بك..

عليك بتربية أولادك حسب مقتضيات ظروفك.. ولن يخزيك الله فيهم أبداً..

وقضى..

سأل أمه.. فقالت.. لقد كان يأتي لي ليقول.. اعطفي عليه فإني قد قسوت..

أما الآن وقد فارقنا أبوك.. فانتظر مني ما كان يعطيك من لوم وتأنيب.. وأيضاً ثناءً ودعاءً..

لقد كان أبوك مربياً.. صالحاً.. وبطريقته..

وكنت زوجة مطيعة وبطريقتي..

ثم قالت بلهجة صارمة لم يسمعها من قبل.. قوم يا ولد روح البيت ولا تتأخر.. وكل يوم زورني..

وأردفت ضاحكة.. كل يوم من هذا الله يصلحك..

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store