Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

.. وكشف «كورونا» سوءات الدول «المتقدمة»!

A A
كشف فيروس كورونا الجديد عورات وسوءات كثير من الدول التي كان العالم كله يعتبرها دولا متقدمة Developed countries، بمقابل دول أخرى غير متقدمة Not developed countries، والدول المتقدمة أو دول العالم الأول كما تسمى تضم بالدرجة الأولى دول أوربا والغربية منها على وجه الخصوص، ودول أمريكا الشمالية، وبعض دول التاج البريطاني النائية مثل أستراليا ونيوزيلندا، وقد لحقت بعض الدول الآسيوية مما يسمى أيضًا بالنمور الآسيوية بركب الدول المتقدمة وفي مقدمتها الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وقد وضع كورونا هذه الدول كلها على المحك وأثبت فشلها في أهم ما تفاخر به، وهو التقدم العلمي والتقني عن بقية دول العالم.

فحتى كتابة هذه السطور، لم يعلن عن اكتشاف لقاح أو علاج لهذا الفيروس الجديد، ورغم إعلان أمريكا عن التوصل إلى اللقاح أو العلاج، إلا أن التصريحات المتضاربة الرسمية وغير الرسمية والصحية وغير الصحية تشير جميعًا بأن لا شيء يلوم في الأفق حتى الآن، فمرة نسمع بأن المتوقع هو العثور على اللقاح والعلاج بمالا يتجاوز يونيو أو يوليو 2020 المقبل، وتارة يقال ان الأمر قد يحتاج لعام أو عام ونصف.. وبالنظر إلى نسب انتشار المرض المعلن عنها، فإن مدة كهذه كفيلة بأن يقضي المرض على ثلث سكان الأرض أو أكثر، ولا نذهب بعيدًا في ذلك، إذ إن الإحصائيات في دولة مثل إيطاليا تقول إن عدد المصابين كان يتضاعف كل ثلاثة أيام، ولنا أن نتصور ونحسب ما سيحدث إذا بقيت هذه النسبة لعام أو عام ونصف كما صرحت المستشارة الألمانية ميركل بأن المرض – حسب التقديرات السابقة- سيصيب ستين إلى سبعين في المئة من الشعب الألماني، وقرأت إحصائية تقول إن المرض قد يصل إلى مئة أو مئة وخمسين مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية. وإن كنا نقصر حديثنا على الدول المتقدمة فإن إيطاليا تصدرت دول العالم بعد الصين في أعداد الإصابات والوفيات، وبعد أن حاصرت الصين المرض مؤخرًا ونجحت في الحد من انتشاره إلى حد بعيد، قد تكون ايطاليا اليوم في مقدمة الدول المصابة.

ولم يكن الفشل الصحي والتقني وما يتصل بالحجر الصحي السوءة الوحيدة للدول المتقدمة التي كشفها كورونا، بل إن سوءة أشد قبحًا تكشفت هي هشاشة اقتصادات دول لطالما ظن العالم كله أنها تدير دفة الاقتصاد العالمي وتمسك بزمامه، فقد انهارت أسواق المال الأمريكية والأوربية بين عشية وضحاها، وبلغت الخسائر المالية في كل تلك الدول ترليونات الدولارات، ولم تستطع معظم تلك الدول (المتقدمة) تعويض العاملين عن توقفهم القسري عن العمل لأسابيع، وقد يمتد لشهور، إذ اعتبرت كثير منها ذلك التوقف بمثابة إجازة غير مدفوعة الأجر فزاد ذلك من الاختناقات المالية والأزمات الاقتصادية، ومن الأمور التي تبعث على الاستغراب أيضًا أن أرفف محال السوبرماركت أصبحت خاوية من كل المنتجات الغذائية كما صورتها لي ابنتي التي تعيش في أمريكا، وكأن الناس أحسوا بأنهم مقبلون على مجاعة حقيقية وهم يعيشون في أكثر دول العالم تقدمًا، وهي التي (تجود) على الدول الفقيرة بالغذاء على الدوام.

وبينما نجد أكثر الإصابات تحدث في دول العالم المتقدمة كما تسمى، كما تئن تلك الدول تحت وطأة الانهيارات الاقتصادية، نجد في الوقت نفسه أقل الإصابات في الدول النامية ومنها عالمنا العربي، وعلى وجه الخصوص دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، فقد تمكنت هذه الدول من محاصرة المرض ومنع انتشاره إلى أبعد الحدود ، حتى أن كثيرًا من المحافل الدولية أشادت بالتجربة السعودية خصوصًا وأوصت بالإفادة منها، علمًا بأن جميع العاملين المتوقفين عن العمل في المملكة تُصرف لهم أجورهم كاملة، وينطبق ذلك على العاملين غير السعوديين الذين لم يُسمح لهم بالعودة من الخارج.

نعم، وبكل تأكيد: كشف فيروس كورونا سوءات الدول التي تسمى متقدمة وأثبتت فشلها في كل الميادين العلمية والصحية والاقتصادية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store