Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

بين الأمن الاقتصادي والميزة النسبية

A A
يبدو أن جائحة الكورونا جعلت كثيراً من الدول تتجه الى التفكير ملياً في الأمن الاقتصادي وتوفير القدرات للاستغناء عن العالم والاعتماد على الذات، وبالتالي توفر قدرتها في ظل الأنانية التي انساق خلفها العالم بصورة واضحة وفي ظل شح الموارد لعلاج الأزمة الحاصلة. وأصبحت القدرة على التميز والإبداع والإنتاج بصورة أفضل من الغير لا أهمية لها أمام القدرة على تغطية الحاجة وتقليل المخاطر الناجمة عن فقدان الموارد لمواجهة هذا المرض. وبالتالي أصبحت كل الدول تنظر لمواردها المحلية لمواجهة هذا السيل الجارف والذي ينظر له من كل دولة حول قدرتها على توفير احتياجها. ورأينا دولاً عدة أوقفت التصدير لكافة الأجهزة والمستهلكات الطبية لسد احتياجاتها المحلية لأن (جحا أولى بلحم ثوره) كما يقولون. وبالتالي أصبحت الكفاءة والسعر آخر ما ينظر له صاحب الطلب بل نجد حتى السلع المتداولة عالمياً تجاوزت حدود المنطق والمنافسة وأصبحت في حدود فلكية بعد أن كانت تباع بمبالغ زهيدة بسبب المنافسة والتي اختفت في خضم الأزمة. فهل نشهد تحولات إستراتيجية في العالم استناداً الى مبدأ الأمن سواء كان صناعياً أو غذائياً أو خلافه؟.. لأننا بعد الجائحة سنجد أمامنا مواضيع اخرى على صعيد الغذاء بسبب الحجر وإيجاد التباعد الاجتماعي ولفترة طويلة.

لاشك أن الأيام الماضية وعلى مستوى العالم أوجدت واقعاً جديداً جعل الحكومات تفكر جدياً في قدرتها على الحفاظ على نوع من الأمان لمواطنيها، وخاصة لدول استندت منذ عقود على مبدأ الكفاءة الإنتاجية وأهمية المنافسة والسيطرة على التكاليف. وأصبحنا نجد أنفسنا أمام واقع جديد يفرض علينا سلوكيات جديدة يفرضها واقع واختلاف حول أهمية الأمن والقدرة على الحفاظ على وضعنا وتوفير القدرات لمواطنينا.

ويبدو أن ظهور هذا التوجه فرضه الواقع وأصبحت هناك صناعات لا مناص من وجودها والحفاظ عليها لاستمرارية توفير متطلبات أساسية مهمة وحيوية، ولا يمكن أن يتم التقليل منها كمطلب إستراتيجي حيوي، الأمر الذي يجعل كل الأبعاد الاقتصادية الهامة حول كفاءة استخدام الموارد غير مهم مقابل الحفاظ على قدرتنا على الاستمرارية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store