جيل الشباب في زمن الصعاب

(وَفِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ يُفْتَقَدَ الْبَدْرُ). وما أشدَّ سوادَ ليالي هذه الأيَّام من بداية عام 2020! فمن ضربات موجعة من تسونامي جائحة الكورونا التي شلَّت قدرة العالم الاقتصاديَّة وحياته الاجتماعيَّة وتواصله بالآخرين، إلى الحدِّ المريع ممَّا كانت تتمتَّع به الدول المتقدِّمة عنَّا من رفاهية وحياة رغيدة، لتهبط مرغمة إلى سويَّة بقيَّة شعوب العالم الذين كانوا يجترُّون أوهامًا كالسراب للحاق بركب حضارة الغرب وتقدُّمه!

أعداد الذين صفعتهم هذه الجائحة من الغربِّيين؛ والأمريكيِين خاصَّةً آخذة بازدياد يوميٍّ، وكذا وفيَّات المصابين منهم.. وما يزال البحث والدرس مستمرَّين للحدِّ من هذا التسونامي إلى أن ينجح العلماء كافَّةً من سائر بلدان المعمورة في إيجاد لقاح يشفي المرضى بإذنه تعالى، ويحول دون ظهوره مجدَّدًا.

في سواد الليالي الحالك الذي عمَّ سماء بلدان العالم بلا استثناء، وفي ضوء السياسة الحكيمة التي تحدِّثنا منجزاتها قبل بياناتها الإعلاميَّة، تبرز للعيان الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لإعادة أبنائها المقيمين في الخارج إلى أرض الوطن، ومن كان منهم في رحلة عمل أو سياحة موفَّرة لهم جميعهم وسائل النقل، ومن ثمَّ إقامة الحجر الصحِّي لهم في أرقى الفنادق.. وتُجرى لهم فحوصات الكشف عن الكورونا.. ومن تتأكَّد إصابته، ينقل إلى أقرب مركزعلاجي.. وبهذا تمِّ الوقوف في وجه هذه الجائحة بحزمٍ وحُسن تصرُّف في المعركةِ.. كلُّ ذلك بكرم وبذل وعطاء يقدَّم من والد إلى أبنائه.. إلى جانب هذا كلِّه، تشارك جامعاتنا ومراكز الأبحاث المتعدِّدة دول العالم في الحصول على عقار شافٍ بإذنه تعالى.. فالحمد لله على ما هيَّأ لأمَّتنا من قيادة، والشكر له الذي به تدوم النعم على ما يبذله شبابنا المتطوَّع في تفانٍ لخدمة العائدين إلى الوطن ورعايتهم من لحظة هبوط الطائرة الناقلة لهم أرض الوطن إلى أن تنتهي أيَّام الحجر الصحيِّ المقرَّرة.

وهكذا، يقتفي جيل الشباب خُطى قيادته، يلتزم الثوابت مُعتقدًا، ومجاراةَ العصر منهجًا وسلوكًا.. قدرات شبَّانٍ وشابًّاتٍ، ليست بمستحدثة، لكن مغمورة، وسرعان ما ظهرت للعيان بدرًا يضيء حالك السواد في سماء يشاء الله لها أن تبقى مُضيئةً، ولسانُ حالِنا بواقع حكمنا يقول مباهيًا مع وثوق بالله وبقيادتنا: (سَيَـذْكُرُنِي قَوْمِي إِذَا جَدَّ جِدُّهُمُ وَفِي اللَّيْلَـةِ الظَّلْمَاءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْرُ).