Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

تشجير مكة.. وليس قطع أشجارها

A A
من عظمة الله سبحانه وتعالى أنه خلق كوكب الأرض وبه معالمه الطبيعية والجغرافية التي تسهل حياة الإنسان وتجعله أكثر سعادة واستمتاعاً بها ومن خيراتها.. كما أوجد لها غطاءها النباتي ليضم غابات وأحراش ونباتات تنمو في الطبيعة لحفظ التوازن البيئي.. وحيوانات تتغذى وتنمو عليها.. ولكن للأسف فإن الإنسان تجبر وافنى الطبيعة بقطع الأشجار، وحرق الغابات، وإهلاك مساحات زراعية كبرى، وبالصيد الجائر للحيوانات.. هذا فضلاً عما تنتجه مصانعه من غازات وأبخرة سامة مما أدى إلى تلوث كبير حتى بدأت الأرض في حالة اختناق وما خرق طبقة الأوزون وارتفاع درجة حرارة الأرض إلا نتيجة مباشرة لهذه الغطرسة الاستهلاكية والاستبداد في الطبيعة.

وفي مقابل ذلك الجحود نحو الطبيعة نجد أن هناك مشروعات إنسانية لتحسين الطبيعة ومنها المشروع الذي أطلقته الهيئة الملكية لتطوير الرياض بمسمى (الرياض الخضراء) وهو أحد المشروعات الكبرى التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ويتواءم مع رؤية المملكة 2030م، ومن أهم أهدافه تلطيف الأجواء في مناطق شبه صحراوية ليكون الإنسان ضمن وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي حيث سيكون لهذا المشروع أثر بيئي كبير من خلال زراعة أكثر من (7.500 مليون شجرة) وزيادة المسطحات الخضراء خلال العشر سنوات القادمة من إجمالي المساحة بنحو (542 كم2) مما سيساهم في خفض درجات الحرارة الداخلية المنبعثة من الأرض والحرارة الخارجية وتحسين جودة الهواء وخفض ثاني أكسيد الكربون وإعطاء الأكسجين.

هذا المشروع الرائد ينبغي أن نهتم بتطويره وتعميمه على مدن المملكة خاصة وأن هناك أربع مدن في المملكة صنفت ضمن قائمة (أفضل 500 مدينة في العالم) وهي: مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة والرياض من حيث عدد الزائرين.

ومكة المكرمة بلد الله الحرام ومن أعظم القيم السلوكية فيها؛ أنه لا يعضد شوكها، ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف.. ولعل ذلك من تعظيم البيت الحرام... وحقيقة تواصل معي أحدهم شاكياً قطع أشجار بمكة بامتداد الدائري الثالث وطالباً مخاطبة أمانة العاصمة المقدسة بأن ذلك يضر بالمظهر الجمالي والبيئة بمكة المكرمة.. ولأنني لا أكتب الا بعد التحقق -وهذه مهنية الكاتب الحقيقي- فقد ركبت السيارة وأخذت جولة على المنطقة؛ اكتشفت فيها إن الجائحة قد كانت خيراً لنا فكثير من الأشجار كانت أكثر اخضرارًا وجمالاً عما كانت عليه من قبل فقد رحُمت من عبث الإنسان وعوادم السيارات.. ولكن فعلاً من الكبرى الممتد من مخطط الملك فهد (الإسكان) وباتجاه كدي والعزيزية كان هناك قطع لفروع للأشجار.. وليس من جذوعها كما فهمت في البداية.. ولأننا بالفعل نحتاج إلى تلك الأشجار لتلطيف الأجواء ونحن مقبلون على الصيف القائظ، خاصة وإن ذلك الطريق أحد الطرق المستخدمة للقادمين من جدة للذهاب للعزيزية والمشاعر المقدسة..

لذا نتمنى من معالي أمين العاصمة المقدسة المهندس محمد القويحص الذي يبدع كل يوم في التخطيط الحضري لمكة المكرمة؛ إصدار قرار بعدم قطع الأشجار بمكة، بل أن تكون هناك مشاريع زراعية جديدة بالتعاون بين وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة البيئة والمياه والزراعة لإعطاء مكة غطاء نباتي يليق بها وبمرتاديها من الحجاج والمعتمرين. بل من الممكن أن يكون هناك تعاون مع إدارة تعليم مكة المكرمة والاستفادة من أوقات الطلاب -خاصة بعد عودة الحياة إلى طبيعتها- لغرس أشجار وشتلات جديدة عبر الطرق والشوارع لإعطاء العاصمة المقدسة المظهر الجمالي من الخضرة بالإضافة إلى الإفادة البيئية للكائنات؛ لتكون مكة من أرقى المدن العالمية ليس بعدد زائريها من حجاج ومعتمرين فحسب بل لما توفره من بيئة خلاقة تتنفس فيها الكائنات الصحة والحياة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store