Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

عبدالسلام: عالِم ظلمه التاريخ!!

بانوراما

A A
حصل الباكستاني محمد عبد السلام سنة 1979م على جائزة نوبل في الفيزياء -بالمشاركة- تكريماً لاكتشافه نظريته التي تنص على توحيد قوتين رئيسيتين في الكون. أسهمت أبحاثه في وضع أساس إحدى نظريات ما يسمى بفيزياء الجسيمات ومهدت أبحاثه للوصول لجسيم «يوزن هينغز»، الذي يعتقد أنه المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها. محمد عبد السلام-عبد السلام كما يعرف الغرب-، أول باكستاني يفوز بجائزة نوبل وأول مسلم يحصد هذه الجائزة العريقة في مجال العلوم. كان ملتزماً بجذوره الباكستانية لدرجة أنه في حفل تسليمه جائزة نوبل من ملك السويد في مدينة ستوكهولم، ارتدى العمامة البيضاء واستشهد بآيات قرآنية في خطاب تسليم الجائزة. ولد عبد السلام لأسرة باكستانية فقيرة في مدينة يهانغ سنة 1926م، ولم يكن طفلاً مرفهاً، إذ لم يشاهد المصباح الكهربائي إلا بعد أن سافر لمدينة لاهور للدراسة بجامعتها. أهَّلته مهاراته في الرياضيات والفيزياء للحصول على زمالة بجامعة كامبردج البريطانية حيث أصبح واحداً من القلائل الذين ينحدرون من أصول آسيوية في صفوف كلية سانت جونز الشهيرة. غير أن خدماته لبلده باكستان كانت كبيرة، فقد عاد الى باكستان بعد حصوله على الدكتوراه سنة 1949م، لتدريس الرياضيات في جامعة لاهور، وأصبح رئيس قسم الرياضيات في جامعة البنجاب سنة 1952م، وعضواً في لجنة الطاقة الذرية الباكستانية، وكبير المستشارين العلميين للرئيس الباكستاني. ولمواصلة البحث العلمي في الفيزياء النظرية، لم يكن لديه بديل وقتها سوى مغادرة وطنه والعودة لبريطانيا حيث عمل محاضراً بجامعة كمبردج سنة 1954م، ثم أستاذاً في الفيزياء النظرية بالكلية الملكية بلندن. وبالإضافة إلى ذلك أنشأ المركز الدولي للفيزياء في مدينة ترويستي الإيطالية، الذي يختص بتقديم المساعدة للعلماء في البلدان النامية. وبدلاً من أن تمثل هذه الإنجازات التي قام بها محمد عبد السلام، لحظةً تاريخية لبلاده باكستان، تم طمس كل ما يدل على إنجازاته في مسقط رأسه، ومرد ذلك لخلفيته الدينية والمذهبية. ومن الأشياء التي كان يؤمن بها محمد عبد السلام، أن الدين لم يكن عائقاً في يوم من الأيام أمام التقدم العلمي، بل كان يرى أن العلوم والدين يكملان بعضهما البعض، وكان دائماً يردد: «إن الكثير من أفكاري ما هي إلا إلهام من الله». ومع هذا لم يقبل بعض النظريات التي اصطدمت بمعتقداته الدينية، مثل نظرية الانفجار العظيم، تلك الفرضية التي قدمها العالم البلجيكي (جورج لمتر)، سنة 1927م، والتي تفسر كيفية بدء الكون؛ على أنه بدأ من نقطة مفردة شديدة الكثافة أخذت تتضخم خلال أربعة عشر مليار سنة لتصبح بعدها الكون الذي نعرفه اليوم. ونتيجة لتقديمه أبحاثاً عديدة، بدأت السويد وروسيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة تنعم عليه بالعضويات الشرفية بأكاديمياتها للعلوم.

تقاعد محمد عبد السلام وتوفي بمنزله في مدينة أكسفورد سنة 1996م، وتم نقله ودفنه في مدينة رابوه بباكستان.

من أقوال العالم محمد عبد السلام: «الفكر ونشأته هو التراث المشترك للبشرية».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store