بدأت في وقتنا الحاضر المئات من مؤسسات التعليم العالي في العالم، مساعيها نحو التخطيط الإستراتيجي القصير المدى والطويل الأجل حتى تتمكن من الاستمرار في تخريج أجيال جديدة من المبدعين والمبتكرين ورواد الأعمال القادرين على المساهمة في بناء وتقدم النسخة الجديدة من عالم اليوم. إن التغيرات الكبيرة التي طرأت في مجالات العلوم والتكنولوجيا والديموغرافيا والحياة الأسرية والدعم المالي، بالإضافة إلى المخاوف من انخفاض معدل تسجيل الطلاب والصعوبات المالية وبعض البرامج الأكاديمية المقدمة والتي أصبحت خارج التاريخ والجغرافيا، قد دفعت العديد من قياديي الجامعات حول العالم، وأعضاء الهيئة التدريسية ومجالس الأمناء الى السعي الحثيث للتكيف معها وإيجاد وسائل لجعل التغيرات الإستراتيجية مفيدة، بحيث تتمكن جامعاتهم وكلياتهم من التكيف مع البيئة سريعة التغيير. لقد حققت المئات من تلك الجهود المبذولة نجاحاً متفاوتاً، فتمكنت مؤسسات قليلة من تحويل نفسها على نحو مؤثر. واستطاعت أخرى أن تجري تغيرات مهمة في أجزاء من عملياتها، إذ تمكنت، مثلاً، من أن تضيف برامج نهاية الأسبوع، وتزيد في التعليم عن بعد بواسطة التكنولوجيا، فضلاً عن تخفيض أنواع البرامج التي تقدمها وأعدادها، وإنشاء ضوابط مالية جديدة، وتقديم برامج مبتكرة، وإقامة روابط مع مؤسسات المجتمع المدني.
في الواقع نجد أن بعض المؤسسات التعليمية في المملكة قد تعثرت أو تبدَّدت جهودها أو فقدت قوتها وجلدها بالرغم من الدعم الذي حظي به قطاع التعليم العالي، وليس من الواضح تماماً لماذا حالف بعضها النجاح فيما تعثر سواها. ونحن على عتبة نظام تعليم عالٍ جديد يعتمد بشكل كبير على مشاركة القطاع الخاص، فمن الواجب على الجامعات عقد ورش عمل يشارك فيها بالإضافة لمنسوبي الجامعة رجال الأعمال ورؤساء الشركات من خارج المجتمع الجامعي لتعريفهم بالنظام الجديد الذي فيه دور كبير لأعضاء مجالس الأمناء في وضع الخطط والبرامج المستقبلية والمراقبة ودراسة التقارير، لأن الكثير من رجال الأعمال ورؤساء الشركات يحتاجون لمعرفة الكثير عن النظام الجديد للتعليم العالي الجامعي حتي يتمكنوا من المساهمة الفعالة في تقديم أفكار ورؤى لمستقبل الجامعات في المملكة. بدون ذلك ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل: «مثل الأطرش في الزفة».
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
