Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

إنْ لم يكن التعليم عن بُعد، فكيف؟!

A A
نظراً لنجاح التعليم عن بُعد في الفصل الماضي، سيُستخدم في الأسابيع السبعة الأولى لهذا الفصل.

وأستعيد فكرة عنوان هذه المقالة من عنوان كتاب ملأ الدنيا وشغل الناس: كتاب «إن لم.. فمن؟» للأمير الشاعر الفنان خالد الفيصل، الذي طرح فيه أسئلة عدة وأجاب ضمناً عليها، وقد كتبتُ مراراً عن هذا الكتاب بعد أن قرأته من ألفه إلى يائه، كما كتب كثرٌ غيري.

وتطرح هذه المقالة كذلك مائة سؤال تدور كلها حول ما سيكون عليه الحال لو لم يكن لدينا نظام للتعليم عن بُعد في التعليم العام والجامعات، ثم ظهرت مشكلة كورونا بل جائحة كورونا التي حتَّمت علينا وعلى دول العالم كلها إغلاق المدارس والجامعات بمبانيها وفصولها ومعاملها الفعلية، وفتح ما يقابلها من العالم الافتراضي، مع اعتراضي الدائم على مصطلح (افتراضي) وأفضِّل أن نقول العالم الإلكتروني، أو عالم التواصل عن بُعد، لأن الشخوص في هذا العالم حقيقيون ولقاءاتهم حقيقية، وموضوعاتهم المطروحة تعليمية كانت أو إدارية أو غيرها حقيقية، غير أن الجسوم والشخوص لا تلتقي إلا من خلال النقل الحي المباشر الذي أصبح يغطي كل التفاصيل ولا ينقصه شيء عن اللقاءات الفعلية.

ورغم وجود بعض التحديات التي تواجه التعليم عن بعد في التعليم العام على وجه الخصوص، فقد أثبت فعاليته البالغة في الظروف الاستثنائية التي عشناها، ومن تلك التحديات تطوير البنى التحتية للمدارس، وتوفير الأجهزة اللوحية لكل الطلاب وتوفير التدريب اللازم للطلاب في مؤسسات التعليم العام تمهيداً لتقييم التجربة وسوى ذلك. وإن كان التعليم عن بعد قد نجح في هذه التجربة الاستثنائية في التعليم العام، فقد كان آتى أُكله منذ زمن في التعليم الجامعي قبل الجائحة، وخلالها، وسينجح دون شك بعدها بإذن الله، فمعظم الجامعات السعودية لديها مسار للتعليم عن بُعد، وفي كثير منها عمادات مستقلة للتعليم عن بُعد منذ سنوات طويلة، وتقدم برامج تعليمية كثيرة فيه في تخصصات عدة، وتمنح درجات علمية توازي الدرجات الممنوحة من خلال الانتظام تُمكِّن الخريجين من التوظُّف في تخصصاتهم أو مواصلة دراساتهم العليا. ولا تغيب عن البال الجامعة السعودية الإلكترونية التي أصبحت ملء السمع والبصر، وتضم تخصصات عدة، ويلتحق بها اليوم آلاف الطلاب والطالبات، وتُعد من أهم الجامعات الإلكترونية في الخليج والمنطقة العربية كلها، واللافت أن معظم أعضاء هيئة التدريس فيها رجالاً ونساء هم من السعوديين، وكثير منهم خريجو جامعات عالمية مرموقة.

وعلى مستوى الجامعات السعودية الأخرى كافة أمكن ولله الحمد إكمال متطلبات الفصل الدراسي الثاني 1441هـ، في كل التخصصات وفي مستويات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ويشمل ذلك المحاضرات والتدريبات وتقديم البحوث والتكاليف والتقييم العام بما في ذلك الاختبارات الإلكترونية، بكل كفاءة واقتدار ودون أي عقبات حقيقية، وظهرت نتائج الطلاب كما هو معتاد في الفصول العادية دون أي تأخير أو تعطيل. وأثبتت التجربة أن الأستاذ والطالب الجامعي على قدر كبير من التمكُّن في التعامل مع كل متطلبات ومقومات التعليم عن بعد بحيث يمكن تعميم التجربة بتوسع لتتعدى الظروف الاستثنائية إلى الظروف الاعتيادية، وهو ما يحصل على أرض الواقع في الوقت الحاضر.

وتعتبر جامعة الملك عبد العزيز رائدة في التعليم عن بعد في المملكة والعالم العربي. وبما أن التعليم عن بعد قد أثبت فعاليته في العالم كله فإن من الأمور اللافتة أن وزارة التعليم لا تعتمد أو تعادل شهادات التعليم عن بُعد التي يحصل عليها الدارسون السعوديون في الجامعات العالمية، وهي شهادات معتمدة عالمياً وتختلف عن الشهادات المشكوك في مصادرها أو مسيراتها الدراسية.

وهنا أود أن أطرح اقتراحاً على مقام الوزارة بالنسبة لمرافقي المبتعثين والمبتعثات في أنحاء العالم الذين لا يجدون قبولاً للدراسة بالانتظام في مرحلتي الماجستير والدكتوراة خصوصاً، ثم لا توافق الملحقيات على التحاقهم ببرامج موازية عن طريق التعليم عن بعد، وإن درسوا على حسابهم فإن شهاداتهم لا تُصَدَّق ولا تُعادل، فلمَ لا تُتاح الفرصة للمرافقين والمرافقات تحديداً دون المبتعثين أنفسهم للدراسة في جامعات رصينة وعالية التصنيف العالمي عن طريق التعليم عن بعد وفق شروط معينة تتصل بالبرامج والتخصصات؟ كي يغتنموا السنين التي يقضونها في دول الابتعاث للحصول على درجات علمية في تخصصات يحتاجها الوطن، وأضعف الإيمان أن تُعادَل لهم شهاداتهم إن درسوا على حسابهم وفق اشتراطات تحددها الوزارة. أرفع هذا الاقتراح لمقام الوزارة للنظر فيه مواكبة لتوجه العالم كله في التعليم عن بُعد في كل التخصصات النظرية والتطبيقية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store