Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

السباق نحو البيت الأبيض.. تتغير الأسماء ولا تتغير السياسات!

A A
لازلت أذكر وصف الصحفي الألماني (أوفه كروغير) الذي نال جائزة (غونتر فالراف) الذي نعت به وسائل الإعلام الأمريكية، حيث وصفها بأنها فقدت الصلة والتواصل بين سكان البلاد، وأن صحافييها يعيشون فقاعة انتقائية، معلقًا على الانتخابات الأمريكية السابقة التي جاءت بالرئيس (ترامب) من غير توقعات الإعلام الأمريكي، وذلك يؤكد بأن الموقف الليبرالي المشترك من نخبة الاعلام والنخبة السياسية الذي يستند إلى مجموعة قيم مشتركة لا يعكس مواقف المجتمع الأمريكي.

وقد دلت النتائج التي تحققت في أغلب الحملات الرئاسية خيبة التوقعات والاستطلاعات التي أجريت، بحيث يفوز غالبًا من استبعدته تلك الاستطلاعات، وشاهدنا في ذلك الاستطلاعات التي قامت بها الصحف والمراكز المختصة خلال حملة (ترامب وهيلاري كلنتون) الانتخابية، إذ أن معظمها توقع نجاح (هيلاري) إلا أن ما حدث كان العكس، فقد انتصر (ترامب) رغم العداء الذي بينه وبين الصحف الأمريكية وبعض محطات التلفزة، وعَدّ معظم كارهوه بأن تدخل (روسيا) كان سببًا في انتصاره، إلا أن اللجنة التي قامت بالتحقيق وترأسها (روبرت مولر) توصلت بعد 22 شهرًا من التقصي عدم صحة ذلك.

لا توجد انتخابات في كل بلدان العالم تستحوذ على اهتمام البلدان والشعوب بالقدر الذي هي عليه الانتخابات الرئاسية الأمريكية -وهذه حقيقة- مع أن هناك دول كبرى، كالصين وروسيا، لكنهما لا تملكان التأثير الذي تستأثر به الولايات المتحدة، بل وكل منها تتمنى انتصار مرشح على الآخر، وحسب بيان (وليام إيفانينا) مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن حول مشهد التهديد الانتخابي، فإن الصين تفضل أن لا يتم انتخاب الرئيس (ترامب) بينما روسيا تعمل على تشويه سمعة (بايدن)، أما إيران فإنها تسعى إلى تقويض المؤسسات الديموقراطية الأمريكية وتقسيم البلاد، لأن نظامها يعتقد أن ولاية ثانية للرئيس (ترامب) ستؤدي إلى استمرار الضغط على إيران في محاولة التحريض على تغيير النظام.

يدخل الرئيس (ترامب) السباق متسلحًا بنتائج الاقتصاد الذي حققه ووصفه بأنه اقتصاد يثير حسد العالم، وبقضائه على زعيم داعش، وقائد فيلق القدس (قاسم سليماني)، وفي نفس الوقت يخيف الناخبين من إعطاء أصواتهم لمنافسه (بايدن) محذرًا بأنه في حالة فوز (بايدن) ستقوم حرب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى أنه سيوقع اتفاقية مع الصين، مشيرًا إلى أن روسيا تتمنى خسارته لأنه كان صارمًا معها، لكنه يدخل أيضًا السباق وهناك هجوم شرس يشنه عليه الإعلام الأمريكي انتقامًا لمهاجمته وانتقاده له، إذ يرى أنها تنتقد سياسته بغير مصداقية منذ توليه الرئاسة، وقال عنها بأنها (وسائل إعلامية فاسدة تمامًا وغير شريفة، تلاحقني ليل نهار أفضل بكثير مما تريد مصادر الأخبار الكاذبة الاعتراف به، أو أنهم لا يملكون القوة تقريبًا كما كان يفتقد في السابق).

يجب علينا أن لا نلقي بالا بالوعود ولا حتى بالهجوم الذي يشنه مرشح على مرشح آخر، فالمرشحة السابقة (هيلاري كلنتون) قالت عن الرئيس (أوباما) أثناء المنافسة على مرشح الحزب الديموقراطي بأنه ساذج وغير مسؤول تمامًا بعد أن أعلن أنه مستعد للقاء المسؤولين في إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وسوريا في حالة انتخابه، ومع ذلك أبدى (أوباما) روحًا رياضية، وعينها وزير خارجية عندما فاز بالرئاسة، وعندما استقالت انتقدته، قالت عنه بأنه ترك في سوريا فراغًا ملأه الجهاديون، وأنه تأخر في تقديم المساعدات العسكرية للمعارضة.

وعليه فإننا لا نستطيع التنبؤ بمن سيحالفه الحظ لرئاسة أكبر وأقوى دولة في العالم، لكننا نؤمن بأن السياسة لن تتغير بتغيير الأشخاص، فهناك قوانين وهناك مصالح، ومهما كانت النتيجة فإنه لن يحدث تغييرًا كبيرًا في مسار القضايا الكبرى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store