Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

شيء عن قصة تفوق الجامعات الأمريكية

شذرات

A A
ليس هناك من يتجاهل دور الجامعة كمؤسسة علمية في تبني العقول لخدمة البشرية جمعاء، فلا غرو أن تضع الدول ثقتها في الجامعات لكي تؤدي رسالتها في التحديث والتطوير وصياغة المعرفة. بلادنا وبكل فخر واعتزاز حققت قفزات على أرض الواقع ليس في المدن الجامعية الراقية فحسب بل في العمل الأكاديمي الفاعل مستفيدة من تجارب من سبقونا في هذا المضمار، وقد تصدرت جامعة المؤسس ترتيب الجامعات وحازت على المركز الأول على مستوى العالم العربي للعام السادس على التوالي وفقاً لتصنيف التايمز العالمي للجامعات 2021، وكلنا نبارك لهذه الجامعة العريقة هذا الإنجاز العلمي المرموق، كما نبارك لجامعة الفيصل حصولها على المركز الثاني عربياً بعد جامعة الملك عبدالعزيز، ويليها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (التاسع عربياً) وجامعة الملك سعود (العاشر عربياً)، وكلها مستويات جديرة بالإشارة إليها.

وعوداً على بدء عن تفوق الجامعات الأمريكية، فقد حرص جوناثان كول صاحب كتاب (جامعات عظيمة) والذي سرد فيه قصة تفوق الجامعات الأمريكية الذي صدر عام 2009م، وقام الزميل الأستاذ الدكتور ناصر الحجيلان بترجمة هذا الكتاب عام 2016 من خلال الدار المصرية اللبنانية للنشر، ويؤكد المؤلف أهمية دور الجامعات الرائدة وتأثيرها في نوعية حياة الأمريكي في المجالات الاجتماعية والتطبيقية وبحوثهم واكتشافاتهم في حل مشكلات المجتمع والكشف عن أنواع جديدة من المعرفة وأنماط التفكير، وحققت هذه المؤسسات الجامعية مكاسب شتى في مجال الطب والفلك والهندسة والعلوم الإنسانية بسبب الروح الأكاديمية الفاعلة والبحث الحُر وعلاقة الجامعات بالمجتمع فضلاً عن قيامها بالتدريس الجامعي لإكساب المهارات ونقل العلوم والمعارف والتركيز على البحث المنتج والنظام الذي يدرب الشباب ليكونوا علماء وباحثين، وهذا ما كان يميز تلك الجامعات ويجعلها موضع تقدير العالم.

إن التدريس الجامعي والبحث العلمي وخدمة المجتمع هي الوظيفة الأساس للجامعة التي لم تتغير وإنما التغيير في الكيفية فما كان قبل خمسة عقود أو أكثر لا يمكن المضي فيه، فحركة الكون وتسارع وتيرة التغيير لا سيما في الجانب التقني والرقمي قد استحوذ على وظيفة الجامعة في العقدين الماضيين، وكان لا بد وأن تلبي حاجات الصناعة والحياة العامة، وأن تتحرر من قيود فرد يتحكم في مسيرتها أو حتى مجموعة أشخاص من المتشددين كما حصل في هارفارد في نهاية القرن السابع عشر حتى تحررت من تلك القيود آنذاك وأصبحت من أفضل ثلاث جامعات في العالم، وعلينا أن نعي هذا الأمر جيداً، وعلى جامعاتنا أن تعلن للملأ عن خطتها التحويلية والتغيير المرتقب مع الحفاظ على القيم الأكاديمية وبما يسهم في تغيير نمط الحياة الحديثة والخروج عن الركود الذي رسمته لنفسها فيما مضى. ولا ينبغي أن نغفل أن الجامعات تواجه العديد من التحديات، وبالتالي فإن صمودها يستلزم إرادة قوية وعزيمة إدارية وعملاً جماعياً متناسقاً للبُعد عن الاستسلام لواقع ألزمت نفسها به عبر عقود من الزمن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store