Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

مملكة التوحيد تزهو في يومها الوطني

A A
تزهو المملكة وترتدي ثياب الألق وترتفع رؤوس أبنائها نحو السماء فخراً وعزاً وشموخاً وهم يسترجعون ذكرى توحيدها على يد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود، بعد ملحمة وطنية خلدها التاريخ بأنصع العبارات ودوَّنها في سجلاته بأحرف من ذهب، وستظل الأجيال المقبلة تذكرها عاما تلو عام، يطوق أعناقها إحساس بالجميل والعرفان لقيادة واعية قادت هذه البلاد الفتية بمنتهى الحكمة وبُعد النظر، سلاحها العزيمة القوية والصدق مع الذات والآخرين والسعي الدائم لبلوغ مراقي النهضة والازدهار والتنمية، فكان لها ما أرادت، وشاءت إرادة الله عز وجل أن تبلغ في سنوات قلائل مكانة فريدة وتتبوأ مرتبة مرموقة بين أكبر 20 دولة في العالم من حيث القوة الاقتصادية والنمو المتواصل.

هذا النجاح لم يكن ليتحقق عن طريق الصدفة أو ضربة حظ، فالصدف لا تبني الدول، والحظ لا يبتسم على الدوام، بل كانت تلك الإنجازات نتيجة طبيعية للقيادة الواعية والتخطيط الدقيق والقراءة السليمة لمعطيات الواقع ومفرداته. وإذا شئنا الدقة فإن نعمة القيادة الرشيدة هي أكبر وأعظم ما أنعم الله به على هذه البلاد وسط النعم الأخرى، لأنه لا سبيل إلى النهضة ولا طريق إلى الازدهار ما لم تكن هناك قيادة واعية تمتلك الرغبة في إسعاد شعبها، والسعي وراء رفاهيته، وتؤمن بحق أفراده في الحياة الرغدة التي يستحقها، وهو ما توفر وأكثر في قيادتنا ولله الحمد.

ما حدث صبيحة الحادي والعشرين من جمادى الأولى 1351هـ كان انتصاراً للإرادة وتتويجاً لجهاد الملك المؤسس الذي حباه الله العديد من الصفات والمناقب الفريدة، وفي مقدمتها البصيرة الثاقبة والنظرة الصحيحة للأمور والحكمة الواسعة وسعة الأفق، وهو ما دفعه إلى توحيد هذه البلاد في وطن واحد تحت راية التوحيد. قاد الملك عبد العزيز ونفر كريم من الرجال المخلصين، الذين التفوا حوله ونصروه وساندوه ملحمة التوحيد حتى تحقق الحلم الكبير، وبرز للعالم كيان جديد، سرعان ما بدأ يسابق الزمن نحو التطور والنماء والرخاء، فتحققت المعجزة وتحول الواقع الماضي المرير إلى حاضر مزدهر، توحدت فيه قلوب السعوديين، وانتهت حالة الانفلات الأمني التي كانت تسيطر على الموقف، وحل مكانها استقرار وأمان لا يوجد لهما في العالم نظير.

لم يمر وقت طويل على إعلان توحيد المملكة، حتى بدأ قادة الدولة الفتية بسرعة ومهارة في وضع الخطط التي تنهض ببلادهم، واستعانوا -بعد الله تعالى- بسواعد أبنائها في استغلال الثروات الكبيرة التي تزخر بها المملكة وتوجيه كافة الإمكانات نحو تحقيق الرخاء والعيش الكريم للمواطنين، فكان النجاح هو النتيجة الطبيعية لتلك الجهود بعد أن توحدت القلوب وصدقت النوايا، فأصبحت المملكة في سنوات قلائل قبلة للمستثمرين من كافة أنحاء الأرض، سعياً وراء تحقيق المنافع المشتركة والمكاسب الاقتصادية بالاستفادة من المزايا العديدة التي تتوفر فيها.

انطلقت مسيرة التنمية والازدهار في المملكة منذ إعلان توحيدها، وبعدما بذله الملك المؤسس من جهود تسلَّم الراية أبناؤه الملوك البررة من بعده، سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- وبذل كل منهم جهوداً جبارة لإنجاز الأهداف التي قامت من أجلها بلادهم، وحققوا نجاحات لافتة رفعت بلادهم إلى مصاف الدول المتقدمة. إلا أن الإنصاف يقتضي القول إن ما تحقق خلال السنوات الماضية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- يحمل بعداً آخر، ودلالات عميقة. فالإنجازات لا تقتصر على ميدان الاقتصاد وحده، فهناك نجاحات أخرى على كافة الأصعدة، اجتماعياً وثقافياً وسياسياً.

من أبرز ما يميز بلادنا في عصرها الحالي رؤية المملكة 2030 التي حمل لواءها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فجاءت ترجمة صادقة لرغبات أبناء هذه البلاد، وترقية واقعهم وتحقيق أهدافهم وتلبية تطلعاتهم، عبر تطوير الاقتصاد وتحديث المجتمع ومسايرة العصر وتفعيل دور الشباب وتهيئته ليتولى مسؤولياته ويتسلم أمانته.

وطن بهذه المزايا به شعب بتلك الصفات يتطلب منا جميعاً العمل الجاد لرفعته والتضحية بكل عزيز للحفاظ عليه، ولا يكون هذا بالكلمات أو الشعارات، بل بالالتفاف حول قيادته الحكيمة التي لم تبخل علينا بشيء، والإعراض عن دوائر السوء التي لا تريد لنا الخير ولا يسرها نهضة بلادنا.

على كل منا بذل المزيد من الجهد، كل في مجال عمله وموقعه، في المدارس والمصانع والمكاتب، وأن يكون كل مواطن عيناً تسهر لأجل الحفاظ على ما حققناه من مكاسب وما وصلنا إليه من مكانة نحن أحق الناس بها. فالمملكة التي شرفها الله بأن جعلها مهبط الوحي وحاضنة الحرمين الشريفين وأرض الرسالة تستحق أن نقدم لها أرواحنا فداء، وأن نقدمها على ما سواها، فالأشخاص زائلون والأوطان باقية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store