Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

سطلنـــــــــــــة

A A
المقصود هو الانحراف عن العقلانية لدرجة تجعل الإنسان يسيء التصرف. وترمز الكلمة إلى الوقوع تحت تأثير المسكرات، وبالذات الكحول. ولو نظرنا إلى تاريخ النزاع المسلح منذ آلاف السنين، سنجد أن السطلنة لعبت أحد أهم الأدوار في النشاط العسكري للجيوش باستثناء الجيوش الإسلامية. كان الكحول من أساسيات الإمدادات في التاريخ القديم بسبب أنه كان يوفر المياه بدرجة نقاوة أعلى من المياه غير المعالجة ولكن كان ذلك على حساب التدهور الكبير في الأداء، كانت النتائج المبدئية لمن يتعاطى هذه السموم تبدو وكأنها إيجابية، ففي استهلاك المسكرات يعاني البشر من انعدام للعديد من الحواس الجسدية والعقلانية، وبالتالي فتبدو وكأنها ترفع من مستوى الشجاعة. ولكن الحقائق كانت تظهر غير ذلك، فالسموم تؤثر على الأداء تأثيرات سلبية سواء كانت بدنية أو نفسية، أو فكرية. وبالرغم من ذلك، استمرت المسكرات تلعب أحد الأدوار المهمة في إمدادات الجيوش خارج الدول الإسلامية. وأما على الصعيد المدني، فكانت الكحوليات من أهم مصادر دخل بعض الحكومات نظرا لأنها كانت، ولا تزال من السلع التي تطبق عليها الضرائب بيسر وفعالية. كانت تساهم مساهمة فعالة في تدفق الدخل العام. وكانت بعض الدول تعاني من الاعتماد الكبير على هذا المصدر السلبي. وكمثال فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان الدخل القومي في بريطانيا يعتمد على ضرائب المسكرات بما لا يقل عن الثلث. وعلى صعيد آخر، كان أحد استخداماتها أيام النشاط الاستعماري هو السيطرة على الشعوب المستعمرة. وتحقق ذلك من خلال سياسات كانت تحرص على تدفق الخمر لتلك الشعوب بهدف التحكم التام فيها من خلال الإدمان. وقد نجحت تلك السياسات في العديد من الدول وأهمها القارة الأمريكية بأكملها.. من كندا شمالا إلى الأرجنتين جنوبا. وكانت هناك مشكلة في تطبيق الأساليب الشيطانية في الدول الإسلامية المستعمرة نخلرأ المقاومة الشعوب لتلك المحرمات، وبالذات في الشرق الأوسط وفي بعض دول الشرق الأقصى مثل ماليزيا وإندونيسيا.

ومن العجائب أن بعضأ من أولويات احتلال الأقاليم خلال الحروب كانت تعتمد على المسكرات، وكمثال على ذلك دخول القوات النازية الألمانية إلى فرنسا عام 1940، كانت مناطق إنتاج الخمور الشهيرة مثل «شاميين، و «بردو» من أهم الغنائم للقوات المحتلة. وشهدت تلك المناطق أكبر نهب للمسكرات وأعلى حالات تسمم بالكحول خلال فترة الحرب.

​ أمنيــــــة

نعيش اليوم في حالة حرجة هي أشبه بالحرب ضد جائحة الكورونا. وللأسف أن استهلاك المسكرات قد ارتفع حول العالم بسبب الحالة النفسية لبلايين البشر ممن يعانون من الحجر الصحي ونتائجه. وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية مجموعة من المحاذير حيال ذلك وخصوصا فيما يتعلق بالشائعات الكاذبة أن استهلاك الكحول يحن البشر ضد الفيروس. أتمنى أن ندرك نعم الله علينا التي لا تعد ولا تحصى ومنها الابتعاد التام عن السموم المسكرة.. وقانا الله شرورها .

وهو من وراء القصد

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store