Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

فلسطين.. الصراع الداخلي ورفض المقترحات حوّل أنظار المتعاطفين لقضاياهم

A A
أخذ التطبيع (الإسرائيلي الإماراتي – الإسرائيلي البحريني) بعدا أكثر من حجمه، ووجد فيه البعض بمساندة بعض القيادات الفلسطينية فرصة لتحميل دول بعينها مسئولية إضعاف القضية الفلسطينية والطعن في الظهر، متناسين التضحيات التي قدمتها حكومات وشعوب تلك الدول، وكذا المساعدات المادية التي بلغت عشرات المليارات لنصرة القضية، عدا الدعم السياسي الذي ساهم في انتزاع الكثير من قرارات الأمم المتحدة التي تؤيد الحق الفلسطيني وتدعو إلى انسحاب إسرائيل إلى حدود ما قبل حرب 67، الأمر الذي دعا سمو الأمير بندر بن سلطان إلى الظهور في (قناة العربية) ليفند بعض الحقائق التي كانت غائبة عن مواطنيه وعن أبناء الشعب الفلسطيني، والتي أكدت أن القيادات الفلسطينية كانت وراء فشل الوصول لحل لهذه القضية وبالبراهين. لنترك حديث الأمير بندر الذي يجرنا إلى الخيط الذي يوصلنا إلى شاهد آخر كان راعي المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وهو الرئيس الأمريكي الأسبق (كلينتون) والذي تتطابق شهادته مع ما ذكره سمو الأمير بندر عند ظهوره ذاك، حيث قال في مذكراته (إن الاتفاق مع عرفات كان ينص على حصول الفلسطينيين على القسمين الإسلامي والمسيحي في القدس القديمة، على أن تحصل إسرائيل على القسمين اليهودي والأرمني) لكن (عرفات) رفض ذلك خشية من النقد، بينما أغلبية مستشاريه، ومن بينهم (أبو علاء وأبو مازن) كانوا شبه موافقين، لكنهم ما كانوا يريدون معارضة عرفات، وكان من ضمن العرض نقل 28 بلدة وقرية التي تم ضمها إلى القدس بعد حرب 67 إلى السيادة الفلسطينية، الأمر الذي جعل الرئيس (كلينتون) يقول لعرفات (هذا خطأ جسيم من جانبكم مثلما في 1948، كان يمكنكم أن تحصلوا على دولة سنة 1978 حين عقد الرئيس المصري السادات اتفاقا مع بيجن، ولم يكن في حينه سوى 50 ألف مستوطن، والآن بلغوا 200 ألف).

بعدها قدم الإسرائيليون اقتراحا لـ(كلينتون) أسموه (وديعة) يتمكن فيه الفلسطينيون على (91%) من المنطقة المحتلة عام 1967، مقابل أن يسيطر الإسرائيليون على كل نهر الأردن، وإذا كانت الترتيبات الأمنية نجحت خلال 15 سنة تُنقل لهم السيطرة في قسم من نهر الأردن، وتنقل سيادتهم على جزء من الأحياء العربية في شرقي القدس وجميع البلدات والقرى الخارجية وإعطاءهم حياً أو حيين من الأحياء الداخلية يمارسون سيادتهم عليها، إلى جانب إدارة المواقع الإسلامية، ولمّا عرض (كلنتون) ذلك على (عرفات) قال: (لا يمكنني أن أقرر هذا لوحدي، سأتشاور مع مستشاريني)، وبعد ساعة جاء رجاله إلى مستشار الرئيس الأمريكي (دونس روس) برفض عرفات لهذا الاقتراح.

تكرار الرفض قتل عمليات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتوالت الانتكاسات على الفلسطينيين، كانت نتائجها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واقفال مكتبهم في واشنطن، ورفع الدعم الأمريكي البالغ (200) مليون دولار، كانت مقررة أصلا لبرامج في الضفة الغربية، وألغت مساعداتها لمنظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى وقف دعم سنوي كانت تدفعه الولايات المتحدة بمبلغ (61) مليون دولار لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.

في تصوري إن الكثير من الدول العربية والإسلامية، وخصوصاً التي تُظهر مالا تبطن، لمست بأن القيادات الفلسطينية التي توالت على قيادة فلسطين غير جادة في الدخول في حلول مع إسرائيل لإنهاء هذه المشكلة، وإنهم يتاجرون بالقضية، ولم يغتنموا الفرص التي أتاحت لهم الحصول على (97%) من أراضيهم التي اُحتلت عام 1967، بالإضافة إلى الصراع الفلسطيني – الفلسطيني الذي أضر بالقضية وعقد الوصول إلى حل. هذه القناعات هي التي جعلت من الأردن مؤخرا يوقع مع إسرائيل اتفاقية تسمح برحلات جوية تجارية عبر المجال الجوي للجانبين، وجعلت الرئيس السوري يُعلن بأن بلاده مستعدة لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بشرط استعادة الأراضي السورية المحتلة، وأخيرا جعلت لبنان يجري مفاوضات حدود بينه وبين إسرائيل في (الناقورة) لإنهاء الخلاف على الحدود البحرية بين البلدين برعاية الأمم المتحدة.

يقول الكاتب السياسي الفلسطيني (نبيل عمرو) في مقال له في (الشرق الأوسط) بعنوان النار تأكل بعضها (واقع الصراع الفلسطيني المحتدم صار أقوى حضوراً من الصراع التقليدي والمفترض أنه أساسي ومصيري مع الاحتلال).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store