Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

دكتور ساعد ورحلته على هامة التحدي!!

بانوراما

A A
تلقيت قبل فترة اتصالاً هاتفياً من أخي الكريم معالي الدكتور ساعد بن خضر العرابي الحارثي ذكر فيه أنه سيكون في مكة المكرمة لإنهاء بعض الأعمال، فدعوته لزيارة منزلي لتناول طعام الغداء. وافق معاليه بشرطين، الأول أن يكون عدد الحضور في حده الأدنى نظراً للجائحة، والثاني أن يكون الأكل (مكاوي) ومن طبخ المنزل. وجدتها فرصة لإهدائه آخر إصداراتي بعنوان «خيول التنوير»، وفي نفس الوقت طلبت منه نسخة من إصداره بعنوان «رحلة على هامة التحدي». تفضل معاليه بعدها بأيام بإرسال نسخة من كتابه مشكوراً. الكتاب مجموعة من المواقف والتحديات في سيرة ومسيرة معاليه، بدءاً من الطائف ثم القرية (المريفق) تلك القرية التي هاجر منها في مرحلته الابتدائية مروراً بالطائف مرةً أخرى للتعليم العام وبيع البرشومي ثم الرياض حيث جامعة الملك سعود التي تخرج من قسم الإعلام فيها ومعيداً في الجامعة وانتهاءً بأمريكا وحصوله على الماجستير والدكتوراه. الكتاب جميل في إخراجه، رائع في متنه، أسلوبه بسيط ومقروء، أشبه بسجل وثائقي اعتمد أسلوب الحكاية أكثر منه سيرة ذاتية، ولقد جسدت الخبرة الكبيرة لدى معاليه وخاصة الإعلامية منها في تسليط الضوء على محطات حياته المختلفة. كان معاليه صحفياً لامعاً وإعلامياً مميزاً وأكاديمياً مشهوداً ورجل دولة من الطراز الأول ومستشاراً أميناً للأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله. في الكتاب الكثير من المواقف المحزنة وتلك التي ترفع الرأس، فللأمانة والتاريخ، أقول: «إن ما تحقق لمعاليه -بفضل الله تعالى- أشبه ما يكون بالمستحيل»، فقد معاليه والدته -يرحمها الله- عند الولادة ولحق بها والده-يرحمه الله- وهو في الثانية عشرة من العمر وعاش في بيئة فقيرة وبدائية، كافح وجدَّ واجتهد ومر بالكثير من التحولات والصعاب خلال مسيرته العلمية والعملية وتغلب عليها معتمداً -على الله- ثم على ما لديه من قدرات فكرية وذهنية.

شخصياً تعرفت على معاليه خلال تشرفي بإدارة جامعة أم القرى فقد كان معاليه عضواً في اللجنة الإشرافية العليا لمعهد خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة. لا أعرف يوماً طلبت منه خدمة يحتاجها المعهد إلا وكان عند حسن الظن وكان دائم الحضور في ملتقيات المعهد التي تقام سنوياً بين مكة المكرمة والمدينة المنورة. كان يعاملني كأخ وصديق ولي معه الكثير من المواقف الجميلة، أذكر مرة أن طلب الاطلاع على برنامج أحد الملتقيات وما سيلقى فيها من كلمات وطلب مني نسخة من كلمتي لأنه دائماً وفي كل ملتقى يثني على كلمتي في الحفل، فزودته بالمطلوب، ولكن وأنا على المنبر ارتجلت الكلمة وأحببت أن تكون من القلب الى القلب، وبعد انتهاء الحفل قابلني قائلاً: لقد كانت الكلمة المرتجلة أجمل من المكتوبة وتبادلنا الضحكات. لم تنقطع اتصالات معاليه معي حتى بعد انتهاء فترة إدارتي للجامعة، وهذا وفاء غير مستغرب من شخصية وطنية مميزة في زمن قل فيه الأوفياء.

قال ابن الفارض:

.... وإذا صفا لك من زمانك واحد

فهو المراد وعش بذاك الواحد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store