لي مع اسم فاطمة مواقف تخصني سأذكرها في آخر المقال، كنت أسأل كغيري لماذا سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة بهذا الاسم؟.
قبل معرفة سبب تسمية الرسول صَلى الله عليه وسلم ابنته باسم فاطمة أود في البداية أن نبتهج في هذا اليوم الذي ينزل فيه المقال «١٢ربيع الثاني» نبتهج سوياً بنور أضاء الكون هو نور محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله :
وُلد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسُّمٌ وثناء
فِي يوم ميلاده صلى الله عليه وسلم يحلو الحديث عن سيرته العطرة وعن أسرته وعائلته، وحديثي هنا عن أم احتضنته وربَّته وسهرت عليه ثم رعته وهو يافع مما جعله يسمي ابنته فاطمة باسمها ألا وهي السيدة فاطمة بنت أسد القرشية الهاشمية زوجة أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وأم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث إن النبي بعد وفاة جده انتقل إلى حضن وبيت عمه أبي طالب وفِي هذا البيت امرأة عظيمة كل حبها وهواها هو الحبيب محمد لدرجة أنها كانت تفضله حتى على أبنائها لانه يتيم وكان النبي لا يناديها إلا بـ(أمّي) حتى انه إذا خرج مع الأطفال ولَم يعد إلا متأخراً من الخارج تحتفظ له بطعامه وكانت تغسل ملابسه وتطيبه وتعتني به كطفل يافع وقلبها معلق به لا تفرق بينه وبين أي طفل من أطفالها.وبعد وفاة أبي طالب وأتم الله الهجرة لنبيه سافرت الى المدينة وأعلنت إسلامها وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أربعة وستين حديثاً، وكان النبي يزورها في دارها وينام أحيانا في بيتها وذات يوم أهدي للنبي حلة من استبرق أي حرير فقال عليه السلام: اجعلها خمراً بين الفواطم فشقها أربعة أخمرة لفاطمة ابنته وفاطمة بنت أسد وفاطمة بنت حمزة ابن عبدالمطلب وفاطمة بنت شيبة زوج عقيل ابن أبي طالب. وعاشت السيدة فاطمة بنت أسد حتى السنة الخامسة من الهجرة حيث توفيت في ذلك العام، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما دخل عليها رسول الله فجلس عند رأسها فقال: رحمك الله يا أمي كنتِ أمي بعد أمي، ولما ماتت خلع قميصه عليه السلام وألبسها إياه رحمه الله رحمة واسعة
اما علاقتي أنا مع اسم فاطمة فكله حب كذلك ويعود لأول مرة حضوري جنازة في بقيع الغرقد في المدينة المنورة وبعد مراسم الدفن قمت بزيارة القبور المعروفة وإذا بمعرّفي يقول هذا قبر السيدة فاطمة «بنت «رسول الله وأنا واقف أمام القبر مباشرة فكان موقف إجلال وتذكرت سيرتها العطرة خاصة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ومرت الأيام وعرفت ان هناك قبراً لامرأة اسمها فاطمة هي فاطمة بنت أسد وكان في تلك الايام خارج البقيع ومع توسعة البقيع صار في داخله فزرتها وكان موقف إجلال كذلك وهي التي كان يناديها عليه السلام بعبارة «أمي» وحدثتكم عنها أعلاه، أما موقفي الآخر مع فاطمة فهو مع شقيقتي فاطمة البارة بأبيها وأمها والتي اعتنت بأخوانها صغاراً وكانت تخصني بمحبة من قلبها وكنت في المدينة أنزل عندها انا وزوجي وأولادي وحبها مغمور في قلبي لسماحة روحها وطيبة نفسها وحبها لعمل الخير فقد كانت تطعم الطعام لفقراء حول الحرم وتكسي يوم العيد أيتاماً ومحتاجين وقد اختارها الله الى جواره وهي في سن الأربعين من عمرها وكان موتها غصة في الحلق وجرحاً لم يلتئم الى اليوم ودفنت في البقيع، ومن حسن الطالع مع اسم فاطمة أن تكون أول طالبة ماجستير تدرس معي اسمها فاطمة هي الدكتورة فاطمة القدسي، هي اليوم عالمة متميزة في بيولوجيا التكوين بل أحد رواده ومن صاحبات الهمة العالية في التدريس والبحث، ومن حسن الطالع كذلك ان تشاركني في مجموعتي البحثية اليوم فاطمة أخرى هي الدكتورة فاطمة باسنقاب وهي عالمة في تخصص المناعة ورئيسة قسم علوم الأحياء.
وهكذا فإن اسم فاطمة أينما حل كان يحمل الحلل وتزخر عائلتي بفضل الله باسم فاطمة وآخرها أول حفيدة لي اسمها فاطمة بنت الكابتن أحمد طنطاوي وهكذا فإن الفواطم عوالم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
