Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

الانفصال بين الزوجيْن.. أحواله وأحكامه في مناهج الثقافة الإسلامية في بعض جامعاتنا (1)

A A
عند قراءتي لوحدة الانفصال بين الزوجيْن، أحواله وأحكامه في مناهج الثقافة الإسلامية، استوقفني الآتي:

أولًا: الاستدلال بحديث: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» [سنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن ابن ماجه وصحّحه الألباني].

هذا الحديث من حيث المتن يُخالف ما جاء في قوله تعالى عن الخُلع: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَت به، تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰالِمُونَ)، ويوضحها حديث ابن عبّاس: «أنَّ امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنِّي ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة.» [رواه البخاري والنسائي، ورواه ابن ماجه أيضاً (نيل الأوطار: 6م 246)].

والحديث المخالف للقرآن الكريم دليل على عدم صحته؛ لأنّ السنة الصحيحة لا تُخالف القرآن، فباتفاق علماء الحديث لا يؤخذ به.

ضعف الحديث من حيث الإسناد:

1. رواه أبو داود وغيره من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان به مرفوعًا.

لكن اختلف فيه على أبي قلابة وصلًا وإرسالًا، ورواه أيوب وخالد عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي مرسلاً (أي بإسقاط أبي أسماء وثوبان) كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (5/271).

ورواه خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان موقوفًا كما عند سعيد بن منصور(1407). وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعًا.

2. أخرجه ابن ماجة (2054). قال البوصيري في «المصباح «(2/ 133): «هذا إسناد ضعيف».

ثانيًا:

عند الحديث عن الطلاق الرجعي، استوقفني قصر حق مراجعة الزوجة على الزوج، وهذا مخالف لقوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة:230]

فهذه الآية تُقرِّر أنّ قرار الرجعة لا ينفرد به الزوج؛ إذ لابد أن يتخذه الزوجان معًا، وأنّ يتم برضاها وعلمها، هذا ما نصّت عليه الآية الكريمة، ولكن للأسف خالف معظم الفقهاء كلام الله، وأعطوا للزوج حق الانفراد به، وللأسف ترك واضعو المنهج كلام الخالق وأخذوا بقول المخلوق!

ثالثًا: عند الحديث عن حقوق المطلقة المالية استوقفني إغفال هذه الحقوق:

1. الإنفاق على المطلقة الحامل إلى أن تضع حملها لقوله تعالى: (وإن كُنّ أولات حمْلٍ فأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق:6] هذه الآية تُبيِّن وجوب النفقة للحامل سواءً كانت في عدة الطلاق الرجعي، أو البائن أو كانت عدتها عدة وفاة، وعدة الحامل إلى أن تضع حملها، كما لم يتطرقوا إلى نفقة البائنة إن كانت غير حامل؛ إذ اختلف الفقهاء في نفقتها، ولكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر بن عبد العزيز، والثوري والأحناف، قالوا لها النفقة والسكنى لقوله تعالى: (أسكنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) أي ممَّا في وسعكم. فهو نص في وجوب السُّكنى، وحيثما وجبت السكنى شرعًا وجبت النفقة تابعة كوجوب الإسكان في الرجعية، وفي الحامل، وفي نفس الزوجة، ولكن أحمد بن حنبل يرى أنَّه لا نفقة لها ولا سكن.

2. إلزام الأب بدفع أجرة الرضاع وأجرة الحضانة للأم إن طلبت ذلك لقوله تعالى:(فأنْفِقوا عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [الطلاق:6]

3. لم يتطرق مؤلفو الكتاب إلى توفير السكن متجاهلين قوله تعالى: (أسكنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)؛ إذ على الزوج أيضًا أن يؤمِّن السكن للأم الحاضنة إن لم يكن للأم مسكن مملوك لها تحضن فيه الصغير، وعليه أن يدفع أجرة مرضعة إن احتاج ابنه إلى مرضعة، وعليه أيضًا أن يدفع أجرة خادمة لابنه إن احتاج إلى خادمة ولم تستطع الأم خدمته.

4. هناك بعض الزوجات يسهمن بأموالهنَّ الخاصة في بيوت قد اشتراها أزواجهن، ولكن يكتبون هذه البيوت بأسمائهم، وعندما يطلقونهن تضيع حقوقهن، ويخرجونهن من بيوتهن التي اشترينها بأموالهنّ، ولا تُرد لهن أموالهن إلاّ من يخشى الله منهم، ويرد لهنَّ أموالهنَّ.

5. نفقة المتعة وهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله فللحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store