Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

قمة العلا.. والاتحاد الخليجي المرتقب

A A
(يا الله حيه.. نورت المملكة) بهذه العبارة الترحيبية الأخوية استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ضيفه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير قطر.. وهي لخبراء لغة الجسد تقول الكثير؛ فسموه رحب به وهو لا يزال على مدرج الطائرة ليوصل رسالة بطي صفحة الماضي وفتح صفحة عنوانها الثقة والمودة المتبادلة.. نعم تحولت الكلمات إلى عناق على أرض المطار لتترجم تلاقي القلوب ليس بين الأميرين فقط بل بين جميع الشعوب الخليجية التي طغت عليها مشاعر الفرح بهذا اللقاء، فغنت ورقصت القلوب قبل الأجساد وعلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي. هذه المبادرة الكريمة من سموه بالترحيب المتوافق مع التقاليد السعودية في إكرام الضيف يثبت أنه القدوة والأنموذج للشباب السعودي الذي يرى فيه ترجمة لقيم التواضع، والتسامح، والحنكة، والحكمة.. وأن الأخوة وروابط الدين، واللغة، والعلاقات الاجتماعية، والجيوسياسية هي عناصر القوة التي ينبغي أن يركز عليها قادة العمل الخليجي المشترك.

لقد كان يوم الثلاثاء 21/5/1442هـ يوماً تاريخياً اجتمع فيه قادة دول الخليج في العلا؛ مهد الحضارات والتقاء الثقافات، وبقاعة مرايا انعقدت (قمة قابوس والصباح) لتعكس الجمال وعزائم الرجال. إنها رؤية الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله التي جاءت عام 2015م لتحقيق التكامل والتعاضد بين دول مجلس التعاون الخليجي لإيمانه بالثقل الاقتصادي والسياسي والجغرافي لمنطقة الخليج العربي وتأثيرها على العالم حيث يوجد بها ما يقارب 45% من احتياطي النفط العالمي.. وبالرغم من حالة التوتر في العلاقات خلال الثلاث سنوات الماضية ولكن بقيت المملكة بقيادة السعودية مترفعة عن المهاترات.. إيماناً منها بأهمية وحدة الصف الخليجي.

لقد كانت كلمة سمو الأمير محمد بن سلمان خطة عمل واستراتيجية واضحة لمواجهة التحديات الراهنة والأخطار المحدقة بالمنطقة والعالم جراء الغطرسة الفارسية، والتأكيد على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين الحكومات والشعوب بما يخدم مصالحها وآمال شعوبها.

حتى البيان الختامي لم يتطرق لأي خلافات سابقة بل ركز على المشتركات السياسية والأهداف، وهذا أحد أهم مبادئ الحوار الناجح الذي يؤدي إلى الصلح؛ بالتركيز على المشتركات وتناسي المنغصات. وكما قال صاحب السمو وزير الخارجية فيصل بن فرحان: «إن القمة 41 لمجلس التعاون طوت صفحة الماضي وأكدت على توطيد العلاقات واحترام مبادئ الحوار.. وأنها ترسل رسالة للعالم أجمع أنه مهما بلغت الخلافات في البيت الواحد إلا أن الحكمة قادرة على تجاوز كل ذلك والعبور بالمنطقة إلى بر الأمان».

وكان الاعتراف بالدور الأمريكي والمصري المحوري في المصالحة لتأثر العالم أجمعه بمصالح هذه البقعة.. كما كان للحوار الثنائي بين سمو الأمير محمد بن سلمان وسمو الشيخ تميم أثر في تسريع استعادة العلاقات الدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية، فشباب الخليج العربي ينتظرون مباريات كأس العالم بشغف والرياضة من القوى الناعمة والمشتركات الأساسية في الحوار الإنساني الراقي.

كما جاء بيان القمة مُجدداً لمواقف مجلس التعاون الخليجي الرافضة للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية واحترام حريتها، والتأكيد على محاربة الإرهاب والتطرف، وتعزيز الدور الإقليمي والدولي للمجلس، والتأكيد على الوحدة الخليجية في كافة المجالات الاقتصادية، والعسكرية، والأمنية، والتجارية.. وإن كنا نتمنى أن تصل إلى مستوى (الكونفدرالية) على غرار الاتحاد الأوربي بوجود التسهيلات في الدخول بالهوية الوطنية، ووجود اتفاقية للسوق الخليجي المشترك، بل وجود استراتيجية دفاعية اعتمدت منذ عام 2009م. كل ما نحتاجه تفعيل تلك الاستراتيجيات لبعث الأمن والأمان وأن نقاط ضعف أحدها يعوضه الآخر لمواجهة الخطر النووي الإيراني والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.. وغيرها من المهددات الصفوية.. وما أجمل ما ورد في الشعر العربي:

تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسراً

وإذا افترقن تكسرت أفراداً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store