Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

متى نصنع الدم البشري؟

A A
ردًا على سؤال أحد الزملاء ضمن حوار دار في إحدى الأمسيات موضوعه كان: لماذا لا نصنع هذا السائل الذهبي؟ (ويقصد به هنا دم الإنسان).. كدماء قابلة للحقن لكل البشر وبكل الفصائل.. سهلة الحفظ والنقل؟.

وتعقيبًا وردًا على هذا السؤال أقول: أولا من أهم الأسباب التي جعلت صناعة الدم من شبه المستحيل هو أن الدم ليس سائلا فحسب بل هو عضو حي كامل تموت خلاياه المتنوعة وتنمو وتتغير وتتجدد في جدول محدد من الزمن تتراوح مدته من يوم واحد إلى مائة وعشرين يومًا وهو أطول عمر لدم الإنسان حسب نوعية الخلية.. الكريات الحمراء هي أطول عمرًا.. أما ما وصل له العلم من صناعة الدم فأختصر بالتالي: طالما حلم الجراحين بنقل الدم بسائل غير مؤذ يحل محل الدم البشري لتضاؤل عدد المتبرعين وارتفاع عدد المحتاجين إليه بعد فشلهم في الاستعانة بالدم الحيواني المستنسخ والمعدل وراثيًا في المختبر، لذلك لجأوا إلى استخدام مادة الفلوروكاربون المستخرجة من البترول لأن ذراتها هي أصغر بثلاثين مرة من الكريات الحمراء، مما يساعدها على توزيع الأوكسجين في الرئتين وصولا إلى أصغر وريد بعد تحويلها إلى سائل مستحلب emulsion مكون من الماء ومواد أخرى.

يحاول العلم حاليًا الاستفادة من الدم الفاسد عبر استخراج مادة اليحمور منه، لكن يبدو أن جميع المحاولات باءت بالفشل حتى الآن، لذلك لجأوا في الآونة الأخيرة إلى تحويل خلايا منشأ جينية بشرية إلى خلايا دم.. ربما هذا الإنجاز سيساعد العلماء على أن يتعمقوا في فهم كيفية نشوء كريات الدم ومكوناته، وهم يأملون في التوصل إلى صناعة الدم مخبريًا لاستخدامه في العلاج، لذلك تم وضع خلايا المنشأ الجينية في مادة مغذية مستخلصة من خلايا نخاع عظام فئران لتشجيع نمو خلايا الدم، ووضعت الخلايا بعد ذلك في دم بقري جيني لتتحول في النهاية إلى خلايا دم أولية، بعد ذلك تم تعريض هذه الخلايا الأولية لعوامل نمو مما شجعها على تكوين (مستعمرات) من خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، ويعمد الأطباء حاليًا إلى أخذ بعض الدم من المشيمة قبل التخلص منها عند الولادة ومن ثم يعمدون إلى عزل خلايا منشأ منها بغية استخدامها في معالجة نخاع العظم لدى المرضى المصابين بمرض أنيميافالكوني (نوع من فقر الدم) وهو مرض وراثي لا يمكن الشفاء منه إلا بنقل دم من شقيق يتمتع بالصفات الوراثية نفسها أو عبر زرع نخاع عظم من واهب.. حسب علمي المتواضع هذا هو ما توصل له العلم حتى اليوم في جهوده لصناعة الدم البشري فأرجو أن أكون قد استوفيت الجواب على سؤال الأخوة المشاركين في الحوار.. إن كان هناك المزيد فليتفضل المختصون بإفادتنا علمًا ونورًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store