Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المخدرات.. ثلاثية المصالح والأحقاد والسياسة

A A
رغم أن المخدرات باتت مشكلة عالمية تعاني منها معظم دول العالم تقريباً، وأصبح التعامل في هذه التجارة المحرمة يمر عبر شبكات في غاية التعقيد، إلا أن المتابع للصحف المحلية ومواقع الأخبار خلال الفترة الماضية يرصد بكل وضوح تزايد عمليات ضبط أطنان من المخدرات وملايين من الحبوب المخدرة، في سلسلة نجاح متلاحقة تحققها الأجهزة الأمنية السعودية التي تراقب الحدود وتقف عيناً ساهرة على مكتسبات هذه البلاد، فهؤلاء الأبطال الأشاوس امتلأت صدورهم بحب بلادهم، ولأجل ذلك يتحلون باليقظة والانتباه والقدرة على إحباط كل مؤامرات المجرمين الذين يريدون العبث بأمن بلاد الحرمين.

ولأن المملكة قد حباها الله بكل أنواع النعم، وأكرمها بالعديد من الثروات، وتشهد نهضة اقتصادية مستمرة وازدهاراً في كل المجالات، كنتيجة طبيعية للجهود الكبيرة التي تبذلها قيادتها الرشيدة، فقد ظن تجار السموم أنها هدف سهل لهم، يستطيعون إغراقه بالمخدرات والسموم، للاستفادة من نسبة الدخل العالية التي يتمتع بها مواطنوها، وتحقيق مكاسب مادية ضخمة، وفي ذات الوقت فإن من فاضت صدورهم غلاً وحقداً على هذه البلاد المباركة، وساءهم ما تشهده من تقدم وتطور يحاولون بقدر الإمكان تدمير شبابها عبر محاولات تهريب تلك السموم.

ومما يثير العجب تلك الأساليب الشيطانية التي لا تخطر على البال والتي يلجأ إليها المهربون في محاولاتهم لإدخال سمومهم، ولفت نظري أنهم في المرة الأخيرة حاولوا إدخال الملايين من الحبوب المخدرة ضمن شحنة عنب كانت قادمة من إحدى الدول العربية، لكن عيون رجال الجمارك كانت لهم بالمرصاد وأحبطت محاولتهم.

وللأسف فإن بعض الدول التي لم تستطع الصمود في وجه الدبلوماسية السعودية تحاول النيل منها عبر تشجيع تهريب المخدرات، وغض الطرف عما تقوم به عصابات منظمة تتخذ منها منطلقاً لأعمالها الإجرامية، ولا أدلّ على ذلك من أن معظم عمليات التهريب التي أجهضتها السلطات المسؤولة تأتي من دول معينة. كما أن نفس تلك الدول تمر بها شحنات مخدرات عابرة من دول أخرى في طريقها للمملكة ولا يحرك مسؤولوها ساكناً لضبطها.

ولا تقتصر تجارة المخدرات على العصابات المعروفة، بل إن كثيراً من الجهات تشارك فيها لتحقيق أهداف سياسية إضافة إلى الأرباح المادية، ولا يخفى أن تحقيقات دولية موثقة كشفت تورط حزب الله اللبناني في هذه التجارة الآثمة التي تستهدف العقول، حيث يعتمد الحزب الإرهابي على المخدرات لتمويل أنشطته الإجرامية، وتشير التقارير إلى أن ما يتجاوز 70% من الإيرادات المالية للحزب تأتي من تجارة السموم، ويملك الحزب مصانعَ معروفة في جنوب لبنان، إضافة إلى انتشار مزارعه في منطقة القلمون الغربي وتل كلخ والقصير وريف حمص ووادي بردى في سورية، وهذه المناطق خاضعة لمليشيات الحزب الطائفي.

وقد أدركت المملكة منذ وقت مبكر تلك الحقائق، وأنها مستهدفة من دوائر الشر التي لا تريد لها الانطلاق في مجالات التطور والرفعة، فاتخذت من الإجراءات ما يضمن سلامة مواطنيها ومستقبل شبابها، وسنَّت من التشريعات ما يوقع أشد العقوبات بالمتورطين في هذه الجرائم الشنيعة، وأظهرت المملكة حزماً واضحاً وهي تتمسك بإيقاع عقوبة القتل تعزيراً بحق تجار الوهم، وبذلت كل جهد ممكن للقضاء عليهم بما توجبه الشريعة الإسلامية، مما كان له أكبر الأثر في تحجيم خطرهم.

كذلك تتبع المملكة سياسة علمية حديثة للقضاء على تجارة المخدرات، تقوم على أربعة محاور رئيسية وفق ما يؤكد المختصون، وتتمثل هذه المحاور في التوعية الوقائية، والمكافحة على المستوى المحلي، والاهتمام بعلاج وتأهيل المدمنين، والتعاون على الصعيدين العربي والدولي.

كذلك سارعت المملكة بالتوقيع على كافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتهريب المخدرات، وقدمت مساعدات فنية وتقنية لكثير من الدول العربية والآسيوية لتطوير قدراتها في مجال المكافحة. إضافة إلى كل ذلك فإن أجهزة الرقابة في المنافذ البرية والبحرية والجوية السعودية تستخدم أحدث الأجهزة والمعدات التي مكنتها من اكتشاف كثير من محاولات التهريب المعقدة، مما دعا الأمم المتحدة إلى التأكيد في كثير من تقاريرها بأن المملكة في مقدمة دول العالم في مجال مكافحة المخدرات ومن الدول التي يصعب اختراقها.

حتماً فإن دوائر الشر لن تكف عن محاولاتها لإضعاف شباب هذه البلاد وإلهائهم وتدميرهم عبر تهريب المخدرات لهم، وستواصل مساعيها المحمومة لتحقيق أهدافها الشريرة، لكني على ثقة بأن جنود الوطن البواسل الذين وهبوا أنفسهم فداء لبلادهم وهم يرابطون على الثغور وفي الموانئ والمنافذ قادرون -بحول الله- على إفشال تلك المحاولات البائسة، وهم يذودون عن حياض بلادهم، ويلقنون الأعداء دروساً في الوطنية والبذل والفداء، فأرض الحرمين التي منّ الله تعالى على سكانها بالأمن تستحق أن نضحي لأجلها بكل غال ونفيس، وأن نقدم أرواحنا فداء لها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store