Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سلطان عبدالعزيز العنقري

عندما نتحدث عن «الوطنية الحقة»

A A
«الوطنية الحقة» ليست منتجاً نشتريه من الأسواق، وليست أحد العوامل المكتسبة، التي نكتسبها في حياتنا من البيئة التي نعيش فيها، بل هي «فطرة» جُبلنا عليها منذ ولادتنا وحتى مماتنا. الوطنية الحقة «بتعريفي الإجرائي» هي أن تخدم وطنك الذي استثمر فيك، ودفع أموالاً طائلة في تعليمك من أجل أن ترد له الدَّين الذي دفعه لك بإخلاصك وتفانيك وإنتاجيتك العالية. الوطنية الحقة هي أن تكون محل الثقة في من كلفك لأداء عمل صغرأم كبر في خدمة وطنك ومصالحه العليا لا أن تستغل هذه الثقة في خدمة مصالحك الشخصية الضيقة. الوطنية الحقة هي أن لا تسيء لوطنك بوضع يدك على المال العام، والسرقة منه وتغليب مصالحك الشخصية على مصلحة وطن بأكمله. الوطنية الحقة هي أن تحافظ على أمن واستقرار وأسرار مجتمعك، وتدافع عنه بكل ما أعطيت من قوة.

الوطنية الحقة هي أن لا تنتمي لأحزاب أو جماعات أو تنظيمات أو دول أو أنظمة مارقة تريد أن تجعل منك معول هدم لمجتمعك. الوطنية الحقة هي أن لا تأخذ أموالاً من الخارج من أجل أن تنفذ أجندات خارجية هدفها زعزعة أمن واستقرار وطنك الذي هو بيتك، وقبل ذلك هو بيت آبائك وأجدادك. وحتى لا نتهم بـ»التنظير فقط» في مفهومنا للوطنية، وحتى لا نكون كما قال الشاعر: «لا تنهَ عن خلق وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم»، فإنني سوف أضع نفسي «تحت المجهر» لكي يعرف القارىء الكريم أننا لسنا فحسب «نُنظِّر» بل ونطبق هذا التنظير، وليسمح لي الزملاء في أسرة التحرير، في معشوقتي «المدينة»، وعلى رأسهم الأخ الفاضل المبدع د. فهد آل عقران، الذين يعطوننا هذا الحيز لكي نكتب عن الوطن وهمومه وقضاياه، وندافع عنه لا أن نكتب عن سيرتنا الذاتية، ونطبل لأنفسنا من أجل مكاسب شخصية نحن في غنى عنها. خدمت قرابة الـ 36 سنة ولم أسرق أو أختلس «هللة واحدة»، ولله الحمد والمنة، طيلة عملي حتى تقاعدت. عملت في وطني موظفاً ومسؤولاً في مراكز قيادية في وزارة الصحة، ومساعداً لرئيس المركز العربي للدراسات الأمنية بالرياض سابقاً (جامعة نايف العربية حالياً)، توجتها أخيراً مديراً عاماً لمركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية، أجريت أكثر من 15 بحثاً ميدانياً بمساعدة الإخوة الزملاء جامعي المعلومات والمرمزين والمدخلين للمعلومات والمعالجة الإحصائية ولم نتقاضَ عليها أنا وزملائي في المركز إلا رواتبنا التي تصرف لنا آخر الشهر، بل ولأول مرة أقول إنني أعطيت أحد الزملاء بضعة آلاف من الريالات، وآخر أعطيته سيارتي التي كنت أستخدمها نظير جهدهما وقيامهما بترميز وإدخال البيانات لدراستين (جرائم سرقة السيارات، وجرائم سرقة المنازل «جزءين») والمنشورة في صحفنا، وغيرها من الدراسات منها «ظاهرة زواج المواطنين السعوديين بزوجات غير سعوديات والمشاكل المترتبة عليها»، و»ظاهرة سوء معاملة الأطفال»، توَّجنا جهدنا وإخلاصنا ووطنيتنا الحقة بدراستنا التي نعتز ونفتخر ونتشرف بها «جرائم العمالة الوافدة»، والتي طالبنا وبشدة بتوصياتنا بأن يتم تطبيق «نظام البصمة» و»الجواز الإلكتروني» لضبط الثغرة الأمنية الموجودة آنذاك، والتي تهدد أمننا الوطني، وتم ذلك ولله الحمد والمنة، وهذه الدراسة انفردت صحيفة الرياض الموقرة بنشرها.

نخلص إلى القول إن الوطنية الحقة هي أن تعيش منتجاً ومخلصاً لوطنك وولاة أمره يحفظهم الله، الذين لهم الفضل بعد الله في تأسيس المملكة العربية السعودية العظمى. الوطنية الحقة هي أن تعيش فقيراً، وتأكل خبزاً وبصلاً بحلال، وأن تموت مديوناً، أشرف لك من أن تخون وطنك، هذه هي الحقيقة الغائبة عند «البعض» الذين لا همَّ لهم إلا ملء أرصدتهم البنكية على حساب وطن هم وضعوا أساساً ليخدموه بكل أمانة لا ليسرقوه ويجعلوا بلدهم عرضة للابتزاز السياسي وغيره!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store