Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

لكلٍ من اسمه نصيب

A A
نعم، لكلًّ من اسمه نصيب.. ولا يغيب عن البال هذه الأيَّام رئيس قد غدا اسمه وذياع صيته مادَّةً للتفكُّه والتندُّر ومضرب المثل في سوءِ المآل وبئس المصير.. وتحضرني وأنا أسمع وأرى مَن كان لسنوات قلال ينتشي كالطَّاووس ممتلأً غرورًا وكبرياء الآيةُ الكريمة: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عًلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فسبحان الله عمَّا يفعلون غافلين لكأنَّهم يعيشون أبدًا.

كان العرب في الجاهليَّة يطلقون على مواليدهم الذكور أسماء مستهجنة فيها من الطَّيرةَ والظنِّ الكثير ممَّا لا يذهب عنهم ما منه يتوجَّسون.. وما أن بزغ فجر الإسلام واستقرَّ في النفوس، وبهدي من الله لاستبدالها بما هو خير وأجدى، جاء قوله في محكم كتابه: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءُ سَمَيَّتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمِ الْهَدَى﴾.. وبتشجيع من رسولنا الكريم أصبحت الأسماء توحي بالرحمة والمحبَّة والإخاء.. وتمَّ منذ عهده وحتَّى اليوم التسمية بأسماء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين، وبأسماء الخالدين من الحكماء والعلماء في مجالات العلوم والمعرفة كافَّة.. وحظي اسم آدم؛ (أبو البشر) عليه السلام، واسم نبيَّنا محمَّد عليه الصلاة والسلام، وكذا اسما السيِّدة مريم عليها السلام والسيّدة فاطمة رضي الله عنها بإجماع لا حدود له حتَّى عند عند غير العرب.

في مجتمعاتنا العربيَّة، مَن يطلق على من يولد له أسماء فيها الكثير من الأمل والرجاء، ليدفع الله عنهم الحسد والشرَّ والبلاء، ويكتب لهم طول العمر، ويعطيهم مستقبلًا تستعاد فيه أمجاد من خلَّدهم التاريخ من عظماء أَّمتنا.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تسمية المولود خالد، تيمُّنًا بسيف الله خالد بن الوليد لاستعادة الأمَّة مكانتها بامتلاك القوَّة لترهب بها أعداء الله وأعداءها! وعمرـ تيمُّنًا بعدل الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي عم الرخاء في عهده، فلم يبق في زمنه محتاجٌ ولا متسوِّلٌ.

في مملكتنا الرائدة، حظيت أسماء الملك المؤسس طيَّب الله ثراه، وأنجاله من الملوك وخدَّام الحرمين الشريفين من بعده بالتسمية تقديرًا لِما تحقَّق على أياديهم المباركة من أمن وأمان وتقدُّم وازدهار.

تمازج ثقافات الشعوب الإسلاميَّة فيما بينها التي انضوت تحت راية التوحيد، أدخلت على قاموسنا العديد من الأسماء لا صلة لها باللغة إلَّا حسن معناها وجرس النطق بها.. والحال ذاته مع ثورة التواصل الاجتماعي التي فتحت بوَّابات المعرفة والتعارف بين الشعوب ثقافيًّا واجتماعيًّا، فأخذت أسماء من مختلف شعوب العالم المتقدِّم طريقها للتعريب لسهولة نطقها عند غير العرب.

وحفاظًا على أسماء الجدود والجدَّات، ومن سبقهم من ذوي القربى المستمدَّة من لغتنا العربيَّة الجميلة عمدت قيادتنا الرشيدة إلى توجية مديريَّات الاحوال المدنيَّة للتوقف عن تسجيل المواليد بأسماء غريبة عن لغتنا وثقافتنا.. فلا سوسو ولا ميمي وسواهما بعد اليوم، فلا ابتذال ولا رعونة في الأسماء، بل بكلِّ ما يُرجى للمولود من خير وبركة... وتربية ورعاية تعيد لذاكرة الإناث سيرة الفضليات من السيِّدات ممن أنجبن القادة والحكماء والعلماء والأدباء.. ومع الأخذ بما هو أنفع وأصوب وأجدى، علَّ الله يقدّر لكلٍّ من اسمه نصيبًا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store