Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

وإن عدتم عدنا!

A A
«قبل» و»بعد» فاصلتان في حياة الأمم والأفراد.. «قبل» لزمن مرَّ وانتهى.. «بعد» لعهد ما بعده، ولسوف يأتي يوم على «بعد» لتصبح «قبل».. وهكذا، يدور دولاب الزمن في مسار واحد إلى الأمام، لتبدَّل معه الحياة، فتبدِّل ملامحنا مع مرور سنوات العمر.

وتاريخنا الإسلامي، يؤرَّخ بقبل الهجرة، وما بعدها.. ومن (قبل) بحقبة الغساسنة والمناذرة، وما كان لنا بهما من تبعيَّة للروم وللفرس.. ومن (بعد) بقيام دولة الإسلام التي جعلت للأمَّة كرامتها، والولاء لله عزَّ وجلَّ.

وتتعاقب الفواصل في تاريخ عالمنا العربي حتى 1932، عام ولادة المملكة العربيَّة السعوديَّة على يد الملك المؤسِّس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله.. وقد أعاد لمَّ شمل المواطنين من شرق جزيرة العرب إلى غربها، رافعًا قواعد مملكة الأمن والأمل.. وعلى خطاه، سار أنجاله الملوك، خدم الحرمين الشريفين، يتابعون تمتين صرح المملكة بالإيمان والعلم والعمل بما يرضي الله، ويحقِّق الرفاه والأمن والأمان لسكَّان البيت السعودي كافَّة على تعدُّد أصولهم وانتماءاتهم، والإسهام في أمن العالم وسلامة شعوبه.. فالخلق كلُّهم عيال الله.. وبهذا تفوَّقت المملكة على ما جاورها من البلدان بالأمن والعيش الكريم.. وتخطو اليوم خطًى واثقة لتحتلَّ مكانتها بين الدول الأكثر ازدهارًا ورفاهية لشعوبها، بعد أن أخذت مكانها في قمَّة العشرين الأكثر ثراءً في العالم.. وهذا ما أثار حسد من باعوا ضمائرهم لمن ما يزالون يحملون ضغائن من (قبل)؛ يوم كانت للفرس إمبراطوريَّة المشرق، وللروم إمبراطوريَّة الغرب.. فراحوا يروِّجون مقولة أنَّ ما تنعم به المملكة اليوم من خير وأمن ما هو إلا بفضل حماية الدولة العالمية الكبرى لها، مقابل تولِّيها التحكُّم بما أنعم الله على المملكة من ثروات طبيعيَّة.. ولولا ذلك، لكان حالها حال العديد من دول الجوار التي أنهكتها الفتن والصراعات المذهبيَّة والحزبية!

﴿كَبُرَتْ كَلِمَةٌ تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهٍمِ إِنْ يقُلُونَ إِلَّا كَذبًا﴾.. فليس بخافٍ أنَّ المحِّرك لتلك الفتن والصراعات التي دأبت تعمل دون كلل أو ملل على تفتيت بلدان العالم العربي، هو لهدم قيمها، والتشكيك في قدرة قادتها بمفردهم على إنجاز ما يشاهده العالم اليوم من مشاريع تنمية عملاقة في المملكة، من شأنها أن تحدَّ من الاعتماد على مصادر أحاديَّة الدخل.. متناسين أنَّ المملكة منذ قيامها، اعتمدت في بناء صرحها على حكمة قادتها وسواعد أبنائها.. وهي اليوم -بفضل من الله- لديها من القدرة ما يمكِّنها من تعامل الندِّ للندِّ مع القوى العظمى التي ما تزال تفكِّر بعقليَّة الإمبراطوريَّات الاستعماريَّة، وتسعى لبسط سيطرتها على شعوب العالم، غير مدركة واقع الحال، أو رافضة أنَّ المملكة اليوم لديها القدرة من الوقوف في وجه كلِّ من يعمل للنيل من كرامتها، أو التقليل من شأنها.. فعلى محاولي ذلك العودة بأفكارهم لمسببات أزمة النفط عام 1973 لمَّا اتَّخذت المملكة مع شركائها في منظَّمة الدول العربيَّة المصدِّرة للبترول (أوبك) قرار حظر نفطي لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربيَّة المحتلَّة في حرب 1967، وتطبيق الحظر الذي أبطأ حركة الاقتصاد العالمي إلى أن عاد هؤلاء المقلِّلين من قدرات المملكة والدول العربيَّة المنتجة للنفط إلى رشدهم، ممَّا أثَّر سلبُا حينذاك في الاقتصاد العالمي.. وما تزال المملكةً وشقيقاتها المنتجة للنفط على أتمِّ استعداد لمجابهة أيِّ تهوُّر من الدول التي تدعي إدارتها للعالم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store