Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

انتصرت المملكة وتلاشت أوهام أعدائها

A A
كما تتراجع جيوش الظلام مع بزوغ أشعة الشمس الساطعة، تهاوت أحلام الحاقدين الذين كانوا يضعون آمالهم على تقرير المخابرات الأميركية الذي زوّدت به الكونجرس حول قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي -رحمه الله- في الثاني من أكتوبر 2018 بإسطنبول، فالتقرير المزعوم لم يأتِ بجديد، ولم يقدم برهاناً، ولم يوجه اتهاماً، ولم يحمل أي سمة من سمات القانون، بل كان عبارة عن ظنون خاطئة وانطباعات واستنتاجات لم تقارب الحقيقة، بل كانت كل مفرداته مطاطة وغير دقيقة، مثل (نظن، ونعتقد، ونستنتج، ونرجّح، وليس مؤكداً).

هذا التقرير وضع حداً لأحلام الواهمين الذين كانوا يتصورون أنه سوف يحمل أدلة قاطعة تؤكد مزاعمهم الزائفة التي لم نشك لحظة في أنها مجرد افتراءات وكذب بواح. وكان بمثابة صفعة داوية على وجوههم، وتأكيداً على أن المملكة أكبر من حملة الإفك، وأعظم من طوفان الأكاذيب، وأسمَى منزلة من متناول أحقادهم الدفينة.

حتى الذين أعدوا التقرير لم يجدوا في أنفسهم الجرأة على توجيه الاتهام للمملكة، لأنهم لا يملكون هذا الحق، ولأنه ليس في أيديهم ما يعضد مثل هذا الزعم، ويبدو أن ذلك هو السبب الذي جعل إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب تحجم عن نشره وقت إعداده، لأنه لا يمثل إضافة لما سبق أن أعلنته المملكة بمنتهى الوضوح منذ وقوع الجريمة.

فالسلطات السعودية واجهت العالم كله بالحقيقة الناصعة، وأكدت أن ما حدث كان نتيجة لتجاوز بعض موظفي المخابرات للتفويض الذي مُنح لهم لإقناع المرحوم خاشقجي بالعودة إلى المملكة، وعندما فشلوا في مهمتهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم وارتكبوا الجريمة البشعة عقب وقوع شجار بين الطرفين.

ولم تتردد الرياض في إدانة المجرمين الذين ارتكبوا الحادثة، وقامت بتوقيفهم فوراً وفتحت معهم تحقيقاً بمعرفة النيابة العامة. وبعد اكتمال التحريات وجمع الأدلة تمت إحالتهم جميعاً إلى المحاكمة العاجلة التي أصدرت بحقهم أحكاماً زاجرة بالإعدام بحق (5) من الذين باشروا عملية القتل أو اشتركوا فيها، إضافة إلى الحكم بالسجن (10) أعوام بحق أحد المتهمين و (7) سنوات بحق اثنين آخرين.

قبل استئناف الحكم تقدم ورثة أولياء الدم -بكامل إرادتهم- بالعفو ابتغاء الأجر من الله تعالى، لكن السلطات السعودية رفضت إلا استيفاء الحق العام منهم، لضمان عدم تكرار ما حدث، وردع كل من تسول له نفسه تجاوز صلاحياته والاعتداء على الغير، فتم تخفيف أحكام الإعدام بحق الخمسة إلى السجن لمدة (20) عاماً بحق كل منهم.

ولتأكيد أنه ليس لديها ما تخفيه سمحت السلطات السعودية لسفراء عدد من الدول الغربية وعائلة القتيل وكثير من القانونيين بحضور جلسات المحاكمة التي تمت بصورة علنية واتسمت كافة إجراءاتها بالوضوح والشفافية، والتزمت بجانب القانون، واستوفت كافة المعايير القضائية المتعارف عليها، مما استوجب إشادة أولياء الدم الذين أعلنوا ثقتهم في القضاء السعودي ورفضهم استغلال القضية من جانب المتربصين الذين يحاولون الإساءة لبلادهم.

أروع ما في هذه الأزمة هو الموقف الموحّد للشعب السعودي النبيل خلف قيادته، فقد مثّل ضربة قاسية لفاقدي الضمير، وقدم لهم دروساً في الوطنية عندما أعلن جميع أبناء هذه البلاد المباركة تصديهم لمحاولة النيل من قادتهم، وأكدوا رفضهم لكافة المؤامرات والدسائس. كذلك كانت وقفة الدول العربية والإسلامية الشقيقة صلبة وواضحة مما كشف مقدار التقدير الذي تحظى به المملكة وأدى إلى إفشال المخطّط المشبوه.

حتى الولايات المتحدة لم تجد بداً عقب نشر التقرير من قطع الطريق على المغرضين الذين كانوا ينتظرون الفرصة للتنفيس عن دواخلهم المريضة وممارسة الشماتة في بلاد الحرمين، فقد أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن علاقة بلاده بالمملكة هي علاقة تاريخية لا يمكن أن تخضع لتغيرات السياسة ولا تتأثر بالمواقف المتقلبة، وأنها علاقة ثابتة تقوم على المصالح العليا المتبادلة.

ويدرك كل متابع للسياسة العالمية أن المملكة لا تستمد مكانتها الرائدة من مجرد موقعها كقوة نفطية عظمى تؤثر في الاقتصاد العالمي، بل هي دولة محورية ذات ثقل سياسي لا يمكن تجاوزه، ولها دورها الكبير الذي تفعله في حفظ استقرار منطقة الشرق الأوسط، ولها النصيب الأكبر في مواجهة التطرف والتصدي للإرهاب.

دولة بهذا الحجم والتأثير لا يمكن النيل منها بمثل هذه التقارير المهترئة، ولن تهزها محاولات جحافل الظلام من الذين عشعش الحقد في عقولهم، وأصاب مواطن تفكيرهم، وحرمهم نعمة البصيرة، وسوف تمضي في طريقها ثابتة لا تخشى سوى خالقها عز وجل، ولا تقيم وزناً للهرطقة، ولا تهتم سوى بأداء الدور الذي اختصها به الله سبحانه وتعالى بعمارة بيته العتيق ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وخدمة ضيوف الرحمن، ولا تسعى إلا وراء ما فيه مصلحة مواطنيها ورفعة شأنهم وتحسين واقعهم وضمان رفاهية أجيالهم المقبلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store