Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز معتوق حسنين

النقد والحوار والجدل

A A
ذهبت إلى من كان هو السبب بعد الله لوجودي وتعليمي المرحوم بإذن الله والدي معالي السيد معتوق.. ذهبت له وطلبت منه أن يعطيني أغلى النصائح التي يجب عليّ أن أعمل بها في أكبر وأضخم جامعات العالم وأرقى أساتذتها ألا وهي جامعة الحياة والناس هم أساتذتها.. قال لي ذلك الرجل: «يا بني أعطيك ثلاثة نصائح لا تنساها أبدًا.. الأولى: خاطب الناس وكاتبهم بعلم البينة والواقعية ولا تجادل.. النصيحة الثانية: إذا أردت النقد فاجعل نقدك بناء موضوعيا خاليا من الخصوصية أو العدوانية.. النصيحة الثالثة: إذا لابد أن تضرب فتأكد أنك ستوجع وإلا تجنب الضرب حتى لا تُضرب فتوجع».

من هذه الثلاث النصائح والحمد لله علمني والدي يرحمه الله علم النقد والحوار ونهاني عن المجادلة ولكن لم يعلمني كيف أضرب وكيف أوجع.. لذلك لا أعرف ولا أريد أن أضرب أو أوجع أحدًا..

بعد هذه السطور التي تهيئ القارئ لموضوعي وتوضح للقراء الكرام أهمية النقد والحوار البناء وعدم المجادلة وأهمية العلم والنية الصافية الطيبة لكتابتي هذه المقالة.. فالنقد البناء من النصيحة الواجبة أو الحسنة، ولا ينبغي لعاقل أن يتضايق منها ولا يعتقد أحد الطرفان أن في النقد والحوار هناك منتصر وهناك مهزوم.. لزامًا علينا أن نقف، ونعرف آداب النقد البناء وضوابطه، لاسيما والكثير من الناس أخطأ في استعماله، وأجحف في نقده.. المؤمِن مرآة المؤمنِ؛ حيث يدفَعه إِيمانه أَن يحب لأَخِيه ما يحب لنفسه، يقول النبِي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يؤمن أَحدكم حتى يحب لأَخيه ما يحب لنفسه».

بكل أسف اليوم نجد الناس يتخاطبون بالجدل وليس بالحوار والنقد الصحي البناء بل الكثير منا يتجادل معك حتى تتعب ويأتيك بنظريات وأمثال لا وجود لها، بعيدة كل البعد عن الواقع الملموس، ويحاول أن يقنعك أن البيضة جمرة والجمرة جوهرة.. الجدال يعني المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة.. والجدل يدفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة، أو شبهة ذلك من النظريات الخيالية..

وهو القياس المؤلف من المشهورات والمسلمات، والغرض منه إلزام الخصم وإفحام غيره عن إدراك مقدمات البرهان.. وقيل دفع المرء خصمه عن إفساد قوله بحجة أو شبهة أو يقصد به تصحيح كلامه، وهو الخصومة عن الحقيقة.

وأختم بقوله تعالى: (ادع إِلَى سبِيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بِالتي هي أَحسن).. فعلينا والكاتب أولهم أن نتثقف في علم النقد والحوار والبعد عن المجادلة وإن لابد فالمجادلة بالحسنى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store