Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سلطان عبدالعزيز العنقري

هل العيب في الزمان أم فينا نحن؟!

A A
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: (نعيب زماننا والعيب فينا... وما لزماننا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا هجانا..). بهذه القصيدة الرائعة نستهل مقالنا لهذا الأسبوع، لنقول كما قال الإمام الشافعي أن العيب ليس في «الزمان» الذي ننعته بين الفينة والأخرى بالعيب، ونحمِّله مآسينا ونكباتنا ومصائبنا، بل إن العيب في «البعض منا»، الذين مازالوا يستخدمون الزمان كـ»شماعة» ليعلقوا عليها كل ما هو رديء في هذا الزمان، والذين هم في الحقيقة من أوجدوا هذا الزمن الرديء بأنفسهم. وقبل الإمام الشافعي رحمه الله، يقول الحق سبحانه وتعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). تتكالب علينا المصائب من كل حدب وصوب، وتحاك ضدنا المؤامرات، ويتهم البعض منا الغرب والشرق بأنهم وراء مصائبنا ونكباتنا ونكد عيشنا!، والحقيقة تقول لنا إن الزمن الرديء «البعض منا» صنعه إما بـ»التبعية» للغرب أو الشرق، أو بالخيانة للأوطان، أو بالطابور الخامس الذي يعيش بيننا، أو بالإرهاب، أو بالانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية وخلاياها النائمة، والتي تتحين الفرص لإيقاع الأذى بنا، أوغيرها من الجماعات والتنظيمات الإرهابية الأخرى، أو من دول الغرب أو الشرق، أو من الدول والأنظمة المارقة، أو بالانحراف عن تعاليم الدين الإسلامي السمح، واستخدام الدين لزعزعة أمن واستقرار الأوطان، وجعلها عرضة للابتزاز السياسي والمادي وغيره من أنواع الابتزاز، أو بالفساد الإداري والمالي، أو بالتزوير والتزييف، أو بالرشاوي والمحسوبيات، أوبالسرقات من المال العام!. الزمان الذي نعيبه يصنعه البعض منا، فالزمان بريء من تلك التهم ولا ذنب له. مرتزقة نصَّبوا أنفسهم أوصياء علينا كشعوب وكمجتمعات، وأنهم معارضون ونشطاء حقوقيون وسياسيون لا يشق لهم غبار، مسميات أغدقت عليهم من قبل من «دفعهم» لكي يستخدمهم كمطايا لتمرير أجنداته العدوانية والمدمرة للأوطان والشعوب!!، هؤلاء البشر، منحرفو الفكر والسلوك، المجتمع يستثمر فيهم من المال العام، ويدرِّسهم في أرقى الجامعات العالمية، وتجدهم يتنكرون لمجتمعهم، لأن أدمغتهم تم غسلها بالكامل ليصبحوا كالدمى يدارون بالتحكم عن بُعد، ثم يقومون بالتهجم عليه، من أي بقعة في العالم تُعطى لهم فيها التسهيلات والمقبلات، وجعلوا أمن أوطانهم رهينة بيد الآخرين، وإدخال أوطانهم في ابتزازات ومنازعات سياسية وغيرها!.. إذن ما دخل هذا «الزمان» المغلوب على أمره بهؤلاء منحرفي الفكر والسلوك»؟!.. والأسئلة التي تطرح نفسها هي: لماذا لا نجد في الغرب أو الشرق معارضين ونشطاء أوصياء على مجتمعاتهم وناسهم مثلما يوجد لدينا في مجتمعاتنا العربية؟!، هل هؤلاء المعارضون علماء ذرة، ومبدعون في تخصصاتهم العلمية المختلفة، وتم اضطهادهم من قبل المجتمع مثلما يفعل الملالي والآيات في إيران فنفذوا بجلودهم من بطشهم، أم أنهم عبارة عن «حثالة» أبتليت فيهم مجتمعاتنا العربية؟!

لماذا نتهم الزمان والغرب أو الشرق بأنهم هم أساس مصائبنا وليس «البعض منا» الذين جعلونا عالة على الغرب والشرق بسبب غسل أدمغتهم؟!.

الأوطان وتعريض أمنها الوطني للخطر من أجل مكاسب شخصية ضيقة، أو تنفيذ أجندات خارجية هدفها الإضرار بمصالح الأوطان العليا، ومصالح شعوبها هي قمة الخيانة العظمى للأوطان. لماذا نقوم بعملية «إسقاط نفسي»، وهي إحدى الحيل الدفاعية في علم النفس، ونسقط فشلنا وعيوبنا ومصائبنا على الزمان في حين أن «البعض منا» هم «العيب» بعينه يمشي على قدميه، ويساق كالخراف إلى أية وجهة تُطلب منه؟!.. بالفعل «نعيب زماننا والعيب فينا»، فهل نستوعب ذلك؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store