Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

جمعية الوداد: نحو العالمية

A A
ونحن في مستهل هذا الشهر الكريم: شهر البر والخير والعطاء، لا بدَّ أن نلقي بعض الأضواء على مؤسسات وجمعيات خيرية وفقها الله لخدمة البلاد والعباد، بتسديده تعالى لخُطى القائمين عليها منذ بداية تأسيسها وحتى يوم الناس هذا، وإلقاء الأضواء على هذه المؤسسات يهدف إلى حثِّ المحسنين وأهل الخير على دعمها مادياً ومعنوياً، كل بما يستطيع، ولو كان ذلك بكلمة طيبة في محفل خاص أو عام، يكون لها الأثر في تعرُّف الناس على عملها، وهو المدخل لدعمها والوقوف معها، ولعل من أبرز المؤسسات والجمعيات الخيرية التي سطع نجمها خلال وقت قياسي: جمعية الوداد الخيرية المختصة بمجهولي الأبوين أو فاقدي الرعاية الأبوية كما يسمون أيضاً تأدُّباً مع هذه الفئة المحرومة المظلومة من أطفال المجتمع الذين تخلى عنهم والدوهم، وكثير منهم ألقي به على قارعة الطريق دون شفقة أو رحمة، وكما سمعت من أخي وجاري وحِبّي في الله المهندس حسين بحري مؤسس هذه الجمعية المحمودة، أن كثيراً من هؤلاء الأطفال المواليد يُعثر عليهم وهم في حالة تدمي الفؤاد ويشيب لها الوليد، فبعضهم يلقى في حاويات القمامة أو قربها، وبعضهم وُجد وقد أكلت القطط وجهه، إلى ما هنالك من الوقائع والحقائق الأغرب من الخيال.

عشت مع أخي الحبيب أبي المعتز خطوات تأسيس الوداد خطوة خطوة منذ أن كانت حلماً إلى أن أصبحت فكرة، حتى باتت حقيقة واقعة وصارت ملء السمع والبصر. وكل هذا لم يستغرق عشرات السنين، بل تحقق في عقد واحد فقط، والعام الماضي احتفلت الجمعية بمرور عشر سنوات على تأسيسها، زادت خلالها فروعها بشكل ملحوظ وغطت كل مناطق المملكة وأًصبحت صاحبة الحق الحصري في احتضان هذه الفئة من الأيتام إن جازالتعبير في كل مناطق المملكة، والوداد سبَّاقة في فكرها وتنظيمها ومشروعاتها وتمويلها وخدماتها، لذا أصبحت أيقونة رصيفاتها من المؤسسات المشابهة في عملها في الوطن العربي، بل والعالم كله.

فهي توفر دُور إيواء مؤقت لهؤلاء الأطفال إلى أن يسخر الله لكل منهم من يحتضنه من الأسر الكريمة التي لابد من أن تتوفر فيها شروط محددة بعناية شديدة، ويكون الاحتضان بديلاً شرعياً عن التبني الذي يُعمل به في الدول غير الإسلامية، وذلك عن طريق الرضاع بمدته وشروطه الاسلامية الذي هو شرط أساسي للاحتضان، وقد جدت الوداد الحلول الشرعية لمن لا تستطيع الرضاع عن طريق تحفيز اللبن استناداً إلى فتاوى رصينة. وليس أوضح من الأرقام في الدلالة على ما أنجزته الوداد خلال مدة قصيرة بكل المعايير، فقد استلمت الجمعية 117 طفلاً من مختلف مناطق المملكة، وأسندت حضانة 78 طفلاً إلى أسر مؤهلة، وحدَّثت مؤخراً بيانات جميع الأطفال والأسر الحاضنة منذ تأسيس الجمعية. وانتهى تجهيز مقرين جديدين للإيواء في مكة المكرمة والمنطقة الجنوبية وانتقل إليهما فرعا الجمعية ولله الحمد، مع ملاحظة أن جائحة كورونا الخانقة خلال 2020 لم تؤثر بشكل كبير على أعمال الجمعية، بل إن أوجه التعاون بينها وبين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قد زادت وتوثقت وتشكلت لجان مشتركة بينهما. إضافة إلى تطوير خدمات المستفيدين من خدمات الجمعية إعلامياً وتقنياً.

ومعلوم أن الجمعية قد حصلت على جائزة جدة للإبداع وتلقت تهنئة من سمو الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة بهذه المناسبة. وخلال شهر يناير من هذا العام شهدت إقبالاً غير مسبوق من الأسر الراغبة في الاحتضان وصل إلى 155 طلباً للاحتضان. كل هذه الإنجازات الاستثنائية لجمعية متفردة في خدماتها، حديثة الإنشاء، تدعو إلى دعم المحسنين والموسرين لها بسخاء خصوصاً في هذا الشهر الكريم ليكون كل محسن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كالسبابة والوسطى في دعمه للأيتام.والملمح الأخير الذي تطرحه هذه المقالة: أن تنطلق الوداد نحو العالمية بدءاً بالعالم العربي، ومروراً بالعالم الإسلامي ووصولاً إلى العالم كله، وما ذلك على الله بعزيز.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store