Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

رمضانيات

A A
بعض من أهم وأجمل نقاط التحول في التاريخ كانت في شهر رمضان الكريم: معجزات نزول الوحي.. غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة.. فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة.. فتح الأندلس عام 92 للهجرة.. تأسيس جامع الأزهر 261 للهجرة.. معركة حطين 583 للهجرة.. فتح أنطاكية 666 للهجرة.. وحرب العاشر من رمضان 1393 وكانت من أهم حروب الكرامة العربية، قبلها كانت نكسة 1967 التي هزمت فيها قوات الكيان الإسرائيلي القوات الشقيقة في مصر، وسوريا، والأردن. واحتلت مساحات هائلة من الأراضي العربية وأهمها القدس الشريف، والضفة الغربية، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية. وبعد وقف اطلاق النار في حرب الأيام الستة الكارثية، كان الجميع يعلم أن الحرب آتية لتحرير تلك الأراضي.. آتية.. ولكن متى.. وكانت هناك أزمة ثقة في القوات المسلحة العربية.. ثم جاءت حرب العاشر من رمضان. وهي تستحق وقفات إعجاب كثيرة ومطولة وإليكم بعضها: تحولت أحوال مهنية وانضباط واستعداد الجيوش المصرية والسورية الشقيقتين بالكامل لمواجهة تحدي الحرب خلال الألفي يوم تقريباً بين نكسة 1967 وحرب رمضان. ولكن في نفس الوقت كان عليها أن تخفي ذلك للتأكد من الإبقاء على العنجهية الصهيونية ضمن جهود التضليل: حرصت أجهزة المخابرات العربية على إظهار قواتها بالضعف والفوضى.. كما أن قيام الحرب في شهر الصوم وفي ساعات الظهيرة كان رائعا.. وإلى آخر لحظة قبل اندلاع الحرب كان باب العمرة الرمضانية والاجازات مفتوحاً بعلانية للجنود المصريين والسوريين، بل ومشجعاً من قبل قيادة الجيوش وكأن الوضع طبيعي .. وفي مصر الشقيقة استخدمت اللغة النوبية ضمن شفرة الحرب وهي لغة خاصة بأهل الجنوب ولا يعلمها إلا القليل من الناس مما «بَرجل» قيادة الاستخبارات العسكرية الصهيونية الشهيرة باسم «أمان». ونشرت شائعات عن تفشي وباء الكوليرا في بعض المستشفيات القريبة من مواقع القتال بهدف حجزها لتصبح مستشفيات عسكرية ميدانية... وتم الإعلان عن نية زيارة للرئيس أنور السادات لواشنطن خلال تلك الفترة.. وكلها كانت للتمويه الذي كان ضرورياً في ظل المتطلبات العسكرية شبه المستحيلة. كان اقتحام قناة السويس يتطلب شجاعة وتفوقاً لأن السد الترابي الذي شيدته القوات الصهيونية كان يصل ارتفاعه إلى ما يعادل ستة طوابق، وبزاوية انحدار تصل إلى ستين درجة مما كان يجعل اقتحامه من شبه المستحيلات.. وقد تم شق ذلك السد بعبقرية باستخدام مضخات مياه زراعية عالية الضغط من مياه قناة السويس. وخلف ذلك الساتر الترابي الصلب كان خط بارليف الشهير والذي كان أكبر مشروع إنشائي عسكري في العالم بتكلفة حوالي خمسمائة مليون دولار «بفلوس أول». وكان مجهزا تجهيزاً عسكرياً مذهلاً بالذخيرة والالكترونيات.. وكان يشمل أيضا مضخات رش سائل «النابالم» الحارق على سطح مياه قناة السويس. وخلف الخط كانت هناك 26 نقطة حصنية منيعة ثم بعدها قوات مدرعة. وفوق كل هذا كانت أحدث المقاتلات الجوية من طراز «الميراج»، و»السكاي هوك» و»الفانتوم».. ولكن كل ذلك لم يصمد أمام هجوم خطة حرب رمضان. وكانت الحرب الأولى في التاريخ التي انتصر فيها جنود المشاة على الدبابات والعربات المدرعة الثقيلة باستخدام صواريخ «ساغر» المحمولة. وفي الأيام الأولى للحرب تم تدمير أسطورة القوات الصهيونية على جبهتي قناة السويس، والجولان. ومن الروائع أن هتافات «الله أكبر» صدرت باستمرار من أكثر من مائة ألف جندي اقتحموا قناة السويس ومرتفعات الجولان في الأيام الأولى للحرب.

أمنيــــــــة

قصص روائع حرب العاشر من رمضان لا تنتهي. وللتذكير فقد شارك وطننا في تلك الحرب عسكرياً على جبهة الجولان، واقتصادياً وسياسياً باستخدام سلاح البترول. أتمنى أن نتذكر دائماً روائع الشهر الكريم في السلم والحرب بتوفيق الله،

وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store