Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الذكاء النفسي والحياة

A A
هناك مشاعر تصدر عن النفس البشرية، أحيانًا بسبب وأحيانًا أخرى بدون سبب، وبعضها مفرح ومبهج ويدخل السرور على النفس، وأحيان أخرى محزنة ومقلقة وسلبية على النفس بل تسبب لها عدم الارتياح والمضايقة، هذه المشاعر على اختلاف أنواعها وأسبابها وأشكالها يبقى سؤال يلاحقها جميعًا وهو: ما هو موقف العقل منها؟ وكيف يتصرف حيالها؟

أعلم جيدًا أن هناك العديد من الدراسات والأبحاث بل والكتب التي فصلت في ذلك ولكن لتباين طبيعة البشر واختلاف جيناتهم وتعدد توجهاتهم التربوية وتنوع مصادر تغذيتهم الثقافية يظل مفهوم أو قاعدة «إن لكل شخص وكل نفس وكل عقل تدبيره الخاص به لتسير أموره ومشاعره النفسية وفق ما أكرمه الله به من عطاءات عقلية وإدراكات قلبية هو الأنسب للحل»..

لاشك أن الذكاء العاطفي الذي تحدث عنه دانيل غولمن وهو أحد المنظرين في المشاعر النفسية من جامعة هارفارد يساعد في تحديد مسارات للتعامل مع المشاعر النفسية للإنسان نفسه أو المشاعر النفسية للآخرين معه لكنني أضيف شخصيًا إن الذكاء العاطفي ليس كل شيء إنما شيء من أشياء وإنما هناك أشياء أخرى مثل الارتباط الروحي والتصرف العقلي والتواصل الاجتماعي ممكن تكون في حسبة القدرة النفسية ومتانة تكوينها وصلابة تأسيسها فتساعد في علاج المشاعر النفسية فمثلا مصادقة النفس الواعي والعقلي في حلها وترحالها وفي اتزانها وتقلباتها وأفراحها وأتراحها وفي مواجهتها للظروف يبني قدرة ذكائية تمكن من تجاوز الأزمات والخروج من النكبات النفسية التي قد تتسلل إلى النفس في غياب التصرف العقلي السليم فيقع الإنسان أسير أمراض نفسية ما كان له أن يقع فيها لو حكم عطاءه ورشده العقلي وهناك ما له بالعلاقات الخارجية ذات الارتباط بالنفس البشرية الصديقة أو العدوة المحبة أو الكارهة وكيف يمكن أن يكون تصرف العقل حيالها؟ ويدخل ضمن ذلك كل ما له علاقة بالنواحي الاجتماعية مثل المشاعر النفسية للزوج تجاه زوجته أو العكس أو ما يخص الأبناء والبنات من مشاعر للأقارب أو الجيران أو الزملاء حيث بعضها إيجابي والبعض الآخر سلبي فما هو تصرف العقل نحو هذه المشاعر أو تلك؟ كلها بحاجة إلى الاتزان فقد يكون بعضها حمل وعبء على من يواجهها فتقوده للأفكار السلبية فتجعله في دوامة بينه وبين نفسه وتعيشه في وسوسة يحدث به نفسه بين اللوم والرضا مما يترتب على ذلك إحداث علاقات جيدة أو سيئة ومواقف شخصية قد تكون إيجابية أو سلبية ومن هنا فإن من المؤكد مقولة أن من أخطر الأمور التعامل مع المشاعر النفسية بدون ذكاء عاطفي وعقلي بل ضرورة وزنها وزنًا دقيقًا بالذكاء العاطفي والتصرف العقلي وهما تركيبة الذكاء النفسي مما يتحقق عنه تسجيل المواقف الناجحة في حياة الإنسان والموفقة في شخصيته وتعيش النفس بالتالي في سلام من أمرها وتسير بها الحياة إلى ما يجعلها راضية مرضية بعيدة كل البعد عن الادواء ولا حاجة لها لأي دواء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store