Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الغذاء الروحي مكون فطري

A A
اجتهدت في مقال سابق بعنوان «الذكاء النفسي والحياة» في صياغة تعريف جديد للذكاء النفسي وأنه تركيبة تتكون من الذكاء العاطفي والتصرف العقلي حيال المشاعر النفسية، واستكمالًا للموضوع فإن هناك مددًا يغذي كلًا من الذكاء العاطفي والتصرف العقلي وهو المدد الروحي وهو حديث مقالنا هنا..

فالمدد الروحي بالنسبة للإنسان يمثل الكهرباء والسيالات العصبية التي تغذي ذكاءه العاطفي وتصرفه العقلي وتسريان في قنواتهما الإمدادية كالأوعية الدموية المغذية للخلايا تمامًا وهناك تنوع في مصادر الطاقة الروحية وهي تتباين وفق التوجهات الدينية للبشر لكن الأعلى كفاءة منها ما كان مصدره من الله سبحانه وتعالى مباشرة ولأمر ما ركز التوجيه الإلهي على ربط الإنسان بالله مباشرة دون أن تكون هناك واسطة وهو ما يعرف بجناب التوحيد وجعل أكبر ذنب وإثم وخطيئة أن يشرك الإنسان مع من خلقه وصوّره وأوجده شريكًا له في عبادته وأنه ذنب لا يغفر كما قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فحرص على أن ينال الإنسان المدد الروحي منه سبحانه وتعالى وهذا لا ينفي وجود إمدادات روحية ذات طبيعة محدودة يتحصل عليها الإنسان وفق اجتهاده البشري مثل ما هو موجود في بعض الثقافات والتوجهات الدينية المخطئة في توجهها الى الله مبنية في أصلها تلمس الجانب الروحي من تأملات الكون والحياة ولكن تظل ناقصة ومحدودة وهي ما يمكن أن يكوّن الجانب الفطري المغروز في داخل النفس البشرية أو ما يمكن أن يكون مكتسبًا من خلال الرياضة الروحية للنفس ويعبر عنه بالتركيز التأملي في الحياة والكون.

ودعونا نركز على التركيبة الكاملة للمدد الروحي وهي ما كان مصدرها من عند الله سبحانه وتعالى وتتمثل في أشياء كثيرة لكن أكثرها ارتباطًا في موضوع الذكاء النفسي هو «الدعاء» دعاء الله سبحانه وتعالى والتواصل معه سبحانه كمصدر روحي منقذ للنفس البشرية من تدهورها عند مواجهة أتعاب الحياة ففي الدعاء مفاتيح تمكّن النفس عبر الذكاء العاطفي والتصرف العقلي أن يلهمهما الله سبحانه وتعالى النجاح في تسيير أمور الحياة في مشاعرها النفسية التي تتعرض لها من ابتلاءات وأمراض وظروف صعبة لدرجة أن الدعاء يحمل عنك كل الأعباء المتعبة ويزيلها حتى دون الحاجة للذكاء العاطفي والتصرف العقلي (الذكاء النفسي)، وقد حث الله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم على هذا النوع من الإمداد الروحي لدرجة أن جعله عبادة كسائر العبادات أي أنه مثله مثل الصلاة تؤجر إن أنت دعوت الله.

أما ثاني الأمور مدادًا للروحانية فهي الصلاة والجميع يعرف ما جاء فيها من توجيهات فقد وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها مدد للراحة في قوله لبلال: «أرحنا بها يا بلال»..

وثالث الإمدادات شأنًا للروحانيات فهو القرآن الكريم تلاوة وانصاتًا وقراءة وخشوعًا وتدبرًا فالقرآن الكريم مغذٍ للذكاء النفسي لدرجة أن صحبته تغنيك عن كل ما تتوقعه من جوانب دوائية تطلبها في أزمة المشاعر النفسية التي تكون سببها التعرض للصدمات والمصائب في الحياة من فقد عزيز وضياع تجارة وحوادث مؤلمة تحتاج إلى بلسم يشفيها ويسليها.

أما رابع الأمور لبقاء الذكاء النفسي ذي دور فعال فهو عدة الصبر التي تشكل مع الذكاء النفسي علاجًا ناجحًا وفاعلًا لتمرير وقع المصائب والأحداث على النفس مع احتساب أن الصبر له أجره عند الله وأول أجر للصابرين هو الحصول على معية الله كما قال تعالى (إن الله مع الصابرين) بالإضافة الى الجانب القلبي وتعضيده بمحبة الله له كما قال تعالى (والله يحب الصابرين) وموعدنا إن شاء الله في الحديث عن الركن الثالث من أركان الذكاء النفسي والأخير وهو التواصل الاجتماعي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store