أهدى إليّ الزميل القديم والصديق الحميم الدكتور فيصل بن عبدالله حداد نسخة من كتابه الجديد «التعليم عن بعد: انطلاقة جديدة بعد كوفيد 19» الذي صدر عن شركة تكوين العالمية 1442هـ. وقدم له معالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبيد اليوبي رئيس جامعة الملك عبدالعزيز، وكانت مقدمة ضافية عرج فيها معاليه على أهمية التعليم عن بعد في الوقت الحاضر، وأوضح أن مؤسسات تعليمية عدة اتجهت لتبني برامج التعليم عن بعد من خلال تسخير تكنولوجيا المعلومات الحديثة. وقد أثبت نظام التعليم عن بعد فاعليته في كثير من الأزمات، وأصدق دليل على ذلك الظروف الاستثنائية التي مرت بها بلادنا الغالية والعالم كله جراء كورونا: كوفيد19. فقد أدى برنامج التعليم عن بعد دوره بامتياز وفاعلية في تخطي هذه الفترة العصيبة التي استلزمت إغلاق المدارس والجامعات. وتطرق معاليه للكتاب الجديد للدكتور فيصل حداد الذي ألقى فيه الضوء على التعليم عن بعد، مفهومه وتاريخه وأهميته وأهدافه وخصائصه وأسباب انتشاره ومبادئه ومقومات نجاحه، وايجابياته، وكل ذلك من خلال استعراض النظريات العلمية والدراسات التي بحثت في التعليم عن بعد، كما ساق المؤلف عدة تجارب عملية في المملكة العربية السعودية وخص الجامعات التي كانت لها تجارب فاعلة يُعتد بها في كل أنحاء العالم.
ويحتوي هذا الكتاب المهم على مقدمة وستة فصول وخاتمة، وقدم في الفصل الأول: رؤية شاملة حول التعليم عن بعد، وخصص الفصل الثاني للحديث عن: الأطر التطويرية للتعليم عن بعد، وقدم في الفصل الثالث: نماذج مستحدثة للتعليم عن بعد، وتطرق في الفصل الرابع لموضوع مهم للغاية هو التعليم عن بعد وذوو الاحتياجات الخاصة، وحدد في الفصل الخامس: الأطر المعيارية للتعليم عن بعد وختم فصوله بعرض تجارب التعليم عن بعد في المملكة العربية السعودية في الفصل السادس، ولُخص في خاتمة الكتاب ماجاء في الفصول الستة، مع عرض للنتائج والتوصيات. وبذا أصبح هذا الكتاب العلمي الرصين أشبه بأطروحة علمية استوفت كل معايير وشروط البحث العلمي الصارم، وقدمت معلومات نظرية وأخرى تطبيقية تبين أهمية هذا النوع الجديد من التعليم الذي بات ضرورة ملحة في وقت الناس هذا، نظراً لاتساع وبعد المساحات الجغرافية في العالم كله من جهة، وداخل الدولة الواحدة من جهة أخرى. والمملكة العربية السعودية خير مثال على ذلك فمساحتها مساحة قارة، وأتاح التعليم عن بعد الفرصة للدارسين من مناطقها المختلفة الالتحاق بالجامعات والدراسة في منازلهم دون الحاجة إلى الانتقال والسفر، وهو ما بينه معالي رئيس جامعة المؤسس في تقديمه للكتاب.
وأعود لأقول إن الكتاب أشبه بأطروحة علمية رصينة في جزءيها النظري والتطبيقي، فقد وفق المؤلف في رصد أهم النظريات العلمية العالمية ذات العلاقة بالتعليم عن بعد كنظرية مصنعة التدريس لأوتو بيترز، ونظرية دمج النظريات المتاحة لهيلاري بيراتون ونظرية الأندراغوجيا في تعليم الكبار لمالكولم نولز ونظرية الدراسة المستقلة لمايكل مور والنظرية الأمريكية للتعليم عن بعد، وتحدث بإفاضة عن الأطر المعيارية للتعليم عن بعد مستعرضاً المعايير العالمية، وربط بين تطوير التعليم عن بعد ورؤية المملكة 2030، ووقف بتأنٍ عند التجارب السعودية في التعليم عن بعد في المدارس والجامعات واستعرض مشروع التحول الرقمي، وحدد معوقات التعليم عن بعد بدقة.
وأختم بالقول: إن هذا الكتاب يعتبر إضافة مهمة للمكتبة العربية في موضوعه الذي هو موضوع الساعة ولا غنى لأي مؤسسة تعليمية عنه سواء في ظل جائحة كورونا أو بعد انقشاعها بإذن الله.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
