Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

في ظل حكم حزب اللات: لبنان من عز إلى فاقة

A A
لم تشكل الحكومة اللبنانية بعد، رغم مرور قرابة سنة، ورغم كل الويلات التي يعيشها لبنان. ولطالما ضرب المثل بالإخوة اللبنانيين على مدى عقود مضت برغد العيش ووفرة الرزق، والحياة المتحضرة الهانئة، حتى أصبحت لبنان مقصد السياح العرب والغربيين، وخصوصاً الخليجيين، وأكثر خصوصية: الكويتيين، حين كانوا يقصدونها لينعموا بأجوائها الباردة المعتدلة خلال فصل الصيف حتى سُمِّيت دون أي مبالغة: «سويسرا الشرق». ولكن سويسرا الشرق اليوم تحولت إلى «صومال الشرق» إن جاز التعبير، بعد أن عصفت بها المجاعة ومزَّقتها النزاعات وتردَّى اقتصادها، بل انهار كلياً، وانعدمت فيها الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، وتفشَّت في أوساط شبابها البطالة، وساد العوز أطياف المجتمع اللبناني كله الذي كان مضرب المثل -كما قلت- في رغد العيش وتوفر أفضل أنواع المأكل والمشرب والملبس. وهذه الأحوال البائسة يتساوى فيها لبنان مع كل الدول التي باتت تحكمها إيران في العقدين الماضيين من خلال عصاباتها وأذنابها وميليشياتها، ويستوي في ذلك العراق وسورية ولبنان واليمن، وجميع هذه الدول تحولت من العز إلى الفاقة ومن الشبع إلى الجوع ومن الاستقرار إلى الاضطراب خلال سنوات حكم إيران المباشر وغير المباشر لها، مع ذلك كله نجد طوائف معينة في هذه الدول مازالت تؤمن بحكم الملالي، وتدين بالولاء لأصحاب العمائم السود والقلوب السود الذين تمتلئ قلوبهم حقداً وكرهاً لأهل السنة، وقبلهم لصحابة رسول الله وأزواجه.

خلال الفترة القصيرة التي تولت فيها حكومة حسان دياب «المحكومة» شؤون لبنان، تردّى كل شيء فيه، وأصيب اقتصاده في مقتل، ولأول مرة في التاريخ رأينا اللبنانيين يأكلون من القمامة، وكان ذلك أمراً طبيعياً حين فقدت الليرة اللبنانية تسعة أعشار قيمتها، ووصل الدولار إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة بعد أن كان مستقراً عند ألف وخمسمائة ليرة لعشرات السنين، وما زال كل العاملين يتقاضون أجورهم بالليرة، ومعنى ذلك أن من كان راتبه الشهري يساوي أربعمائة دولار، أصبح يقل الآن عن أربعين دولاراً. وهو دخل أقل من الدخول في أفقر دول العالم، إذ يزيد قليلاً عن دولار واحد في اليوم، وهو ما قد لا يحدث ولا في الصومال كما أسلفت. وفي عهد هذه الحكومة المحكومة، كانت الكهرباء مقطوعة عن كل المناطق على مدى ثلاث وعشرين ساعة، أي أن الخدمة تقتصر على ساعة واحدة في اليوم. ولنا أن نتصور كيف يعيش الشعب اللبناني في العتمة والظلام الدامس والحَر القاتل، ولا يستطيع تشغيل الثلاجات لحفظ أطعمته أو تبريد مياهه، ولا تتوفر له ولو المراوح لكبح جماح الحر، ولا تعمل المصاعد في الأبنية الشاهقة، وجميعها شاهقة في بيروت نظراً لصغر مساحات الأراضي وغلائها، فكيف يمكن الصعود والنزول يومياً لعدة مرات من الدور العاشر دون وجود مصاعد؟ وقديماً كان جميع اللبنانيين يعتمدون على المولدات لتوفير خدمات الكهرباء ولو لساعات قليلة وبتكاليف باهظة. وما عادت هذه المولدات تعمل بسبب نقص أو انقطاع الديزل أو المازوت كما يسمونه. وانقطاع الكهرباء يعني بالضرورة انقطاع الماء، إذ لا تعمل مواتير سحب الماء إلى الخزانات بالطبع، ليعيش الأهالي في الظلام والجوع والعطش. كانت تلك حالهم قبل انفجار بيروت المدمر، الذي أتى على كل ما تبقى لهم من مقومات الحياة، إذ كانوا قبله يعيشون داخل بيوت تحيط بها جدران، ولو بدون أي خدمة كالماء أو الكهرباء، فجاء الانفجار ليخرب عليهم بيوتهم ويسقط كثيراً منها على رؤوس سكانها، فبات مئات الآلاف دون مأوى وقتل المئات وجرح الآلاف ولا يزال العشرات مفقودين.

تلك بعض الويلات التي جرّها على اللبنانيين حزب اللات على مرأى ومسمع من العالم كله مع أن شروره ومخدراته طالت العالم كله، بما في ذلك المملكة وإيطاليا وليبيا وأستراليا ودول أخرى، ورغم كل هذه الأفاعيل لم يتخذ قرار أممي مناسب واحد بعد لاجتثاثه واجتثاث عصابته من لبنان، في صمت مريب، رغم علم الجميع بأن حزب اللات كان وراء تلك الويلات التي يعيشها لبنان.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store