Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الأب «مر» من هنا!!

A A
كتبت فيما مضى مقالا بعنوان «عندما يتحول الأب إلى صراف آلي»، ذكرت فيه الحالة التي يعيشها واقع الأب مع أبنائه وبناته، وانه لم يعد يصلح إلا أن يكون مسددًا لتكاليف ومصاريف فواتيرهم أما غير ذلك فهو من الحاجات غير الضرورية بالنسبة لهم، واليوم استدل على ما إقول إن الأب بالأمس (مرَّ) من هنا، من بوابة يوم الأب العالمي (يوم أمس الأحد ٢٠ يونيو) ولم يحس به أحد ولم يعطَ أي اعتبار ولم تكن له أغنية يرددها أحد بقوله: «سيد الحبايب يا حبيبي يا أبويا»، وليس هناك من يعتني به فرحًا وبهجة وسرورًا ولم يذكروا له فِي الإعلام سيرة ولم يأتوا له في البيت هدية لا جوال ولا باقة ورد ولا عطر ولا حتى قلم باركر (من أيام زمان).

طبعًا هناك من يقول أصلا يوم الأب العالمي بدعة، ومن هنا فإن الأبناء والبنات يتجنبون الأمور التي حرمها الله، وهذا كلام صح أريد به خطأ (على غرار حق أريد به باطل).. على أية حال أردت فقط من مشهد غياب الأبناء والبنات في يوم الأب العالمي عن ذكر الأب والإشادة به وإنهم لا يذكرونه إلا وقت دفع الفواتير والمصروفات.

نعود إلى أصل الموضوع وهو وجود الأب في حياة الأسرة وأن بره مساوٍ لبر الأم تمامًا لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وبالوالدين إحسانا) ويقول (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريمًا) أما قوله عليه السلام عندما سئل من أحق الناس بصحبتي فقال عليه السلام (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك) فهذا في الصحبة فقط وليس في الحقوق، فحق الأب مساوٍ تمامًا لحق الأم، والكثير يفهم من ذلك انقاصًا في حق وبر الأب خاصة الأبناء الذين يميلون الى أمهاتهم دون آبائهم وهذا خطأ، ولسبب يعلمه الله فإن الملاحظ أن حس الحب للأب يتدفق في قلوب البنات أكثر من الأولاد، فكم من فتاة ترفع شعار حبها لأبيها وكذلك الأب مغرم إلى حد التفاني في العطف والمحبة على بناته، وقد كتبت يومًا مقالًا عن الأب ودوره في الأسرة وجاءتني رسائل كلها من البنات تحمل زخمًا من العاطفة نحو الأب وأنه روح تتعلق به كل بنت ولذلك نرى شعارات كثيرة مكتوبة تخاطب بها البنت الأب مثل «أنا بنت أعظم رجل».. وعند وفاة الأب نجد أن البنت هي الأكثر حزنًا عليه فلا تمسي ولا تصبح إلا ودموعها على خدها من فقدها لأبيها، والأب كذلك عميق الحب والعاطفة لابنته، وقد كتبت يومًا قصة واقعية وصلتني من المجتمع أشبه ما تكون بالدراما بعنوان «ماتت فمات والدها» يمكن العودة إليها لمعرفة حالة قصة واقعية لأب هو الأكثر ألمًا عندما تتأذى ابنته بأي أذى من زوجها حين يظلمها.

وأخيرًا فإن يوم الأب العالمي لا يزال ينبض بالتذكير للقيام بحق وبر الأب، هذا المخلوق الذي تحمل ويتحمل كل العناء من أجل أبنائه وبناته وهو يستحق ليس هدية وتقبيل يد إنما كل الحب من القلب والعناية والرعاية عندما يحتاج إليهما وكم من فاقد أو فاقدة للأب يتمنون أن يكون لهم أب على وجه الحياة، فالأب نعمة حافظوا عليها ففي فقدها حسرة وندامة، كما أن وجود أبناء وبنات بارين بآبائهم نعمة من الله، فاللهم لك الحمد والشكر أن رزقتني بأبناء وبنات بارين ومحبين لي ليس في يوم الأب العالمي فقط إنما في سائر أيام العام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store