Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

«العدل» .. بعيدًا عن الشو الإعلامي

A A
الحراك الفاعل الذي أحدثه معالي وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني في مفاصل وزارته أصبح حديث الناس، والتطورُ الملموس في خدمات الوزارة المقدمة للمواطنين -وخاصةً الخدمات الرقمية- حظي بدوره بالإشادة والتقدير ممن يتعامل مع وزارة العدل ويستفيد من خدماتها المقدمة رقميًّا. المؤكد أن الوزارة لم تبلغ الكمال بعد، ولم تحقق درجة الرضا الكاملة لدى المستفيدين من خدماتها؛ غير أن ما يلمسه المستفيدون من خدماتها الرقمية يجعل الإنسان يصدع بالحق ولا يغمط صاحبَه.. نعلم جميعًا التحول الرقمي المتسارع الذي غشي وزارة العدل وما يتبعها من محاكم وكتابات عدل وغيرها، وهو التحول الذي سهل الكثير من الأمور التي كانت تأخذ الكثير من وقت المراجعين وجهدهم، وهنا لا أتكلم عن الأمور القضائية والقانونية وجودتها وسرعتها، فخير من يصفها -مدحًا أو قدحًا- هم الذين يتعاملون معها مباشرة ولديهم قضاياهم فيها؛ وإنما كلامي عن المعاملات الروتينية التي لا تتطلب حُكمًا قضائيًا؛ وإنما تتطلب إجراءً سريعًا ساهمت التقنيات الرقمية في تسهيله وإنجازه. في هذا الصدد كانت لي أثناء إجازة منتصف العام الدراسي المنصرم معاملة تحديث صك في إحدى كتابات العدل الساحلية، وقد قدمت ما يتطلبه التحديث من خلال بوابة الوزارة الرقمية (ناجز).. ما حصل هو أن أسبوعَي الإجازة تصرما ولم أخرج بشيء، مع أن الأمر كان في غاية السهولة، وقد كتبت عن ذلك مقالاً بعنوان (أن تعيش الإجازة في كتابة العدل!)، بينت فيه موقف كتابة العدل تلك من قضية تحديث صكي وأن الأمر لم يكن يستدعي كل هذا الوقت والعنَت.. وبعد ظهور المقال كنتُ أترقب أن تفسر الوزارة المقال على غير مقصوده، أو تُسيء فهمَه، وهذا الترقب بنيتُهُ على حال مشابهة مع أحد المؤسسات التي كتبت عنها مقالاً استفزها (عنوانُهُ) وأعماها عن أن تَفهم مضمونَ (متنِهِ) الذي جاء شقه الأول وقوفًا مع تلك المؤسسة وتعزيزًا لقرارها الذي لاقى (القرارُ) حينها اعتراضًا صاخبًا، وكان شقه الأخير مجرد مطالبات روتينية تتعلق بحقوق المستفيدين من تلك المؤسسة، وهي مطالبات (مشاعة) لها ربع قرن تتكرر عبر وسائل الإعلام المختلفة، فكان من أمر تلك المؤسسة ما كان من (هلع وسوء فهم وتربص) ولم تخرج منها بشيء ذي قيمة، وفي نهاية الأمر وبعد مكابرة منها عادت ونفذت بعض تلك المطالب. الحاصل أن الوزير الصمعاني كونه مسؤولاً يقبل النقد الهادف لمؤسسته ومنسوبيها، ويعمل على تلافي جوانب القصور، وهمُّه التطوير لا التنظير -والأهم أنه يعي مضمون الخطاب- فقد أصدر توجيهه قبل شهر -بحسب موقع الوزارة- «بعدم طلب أصل صك الملكية العقارية الورقي أو أي أصول لوثائق ورقية لغرض تحديث الصك، والاكتفاء بصور الوثائق المرفوعة من قبل المستفيد عبر بوابة الوزارة... مؤكدًا على الاكتفاء بعملية التحديث في النظام الإلكتروني دون الحاجة لإثبات ذلك على أصل الصك...». وبعد قراءتي لتوجيه معاليه عاودت التقديم لتحديث صكي عبر بوابة (ناجز) الرقمية وفي ذهني تلك الإجازة النصفية الماضية التي قضيتها في كتابة العدل دون جدوى.. المفاجأة أنه لم يمضِ على التقديم سوى يومين (فقط) لتصلني رسالة بأن الصك أصبح محدَّثًا، بل ووُضِعتْ منه نسخة رقمية جاهزة للاستخدام الرسمي.. لم أصدق عينيَّ ودخلتُ الموقع أكثر من مرة لأجد الحقيقة ناصعة، بل إن موقع الأرض لم يكن صحيحًا في الصك الورقي، ومع هذا تلافت الوزارة -مشكورةً- التعقيدات السابقة ودوَّنت الموقع الصحيح في النسخة الرقمية. تلك هي قصة النجاح على أرض الواقع، وتلك هي حالة التجاوب من المسؤول الأمين مع ما يُطرح في الإعلام من نقد هادف، وذاك هو المسؤول الذكي الذي يجعل من الإعلام حلقة وصل تُجسِّر ما بين مؤسسته والمواطن وهمومه ومطالبه، ولا يجعل منه درع حماية أمام النقد الهادف والمطالب المشروعة للمواطن، ولذا فالوزير الصمعاني بخطواته هذه يحقق مضامين رؤية (٢٠٣٠)، ويعزز مفهومَي (العزم والحزم) اللذَين تنتهجهما القيادة الحكيمة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store