Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

الشيشة غير مسرطنة لكنها أخطر!

A A
التوضيح العلمي والطبي في كل أمر من أمورنا الحياتية والاجتماعية والصحية مطلب يتحقق عنه إدراك الحقيقة التي ينبني عليها التعامل مع الأشياء، بفضل الله هناك وعي الآن فيما يخص النواحي الصحية، لكن يبقى أن نأخذ المعلومات من جهات موثوقة بعيدًا عن التهويل أو التقليل، فمثلا يجب معرفة الآثار السيئة لكل من التدخين والشيشة على الصحة كل على حدا عند المقارنة بينهما. إن الشيشة فيما أعرف بحثيًا وعلميًا هي الأخطر على خلايا الجسم من الدخان، وقد استغربت في لقاء اجتماعي أن أحد المدخنين يتطاول على «المشيشين» بأن الجراك والمعسل هما الأشد فتكًا بخلايًا الجسم من الدخان متفقًا معي في الرأي، على اعتبار التبرير للتدخين، إلا أن ما قاله ناقص المعلومة، لان الدخان أخو الشيشة من الرضاعة، ومستخدميهما يشفطون سمومًا تعتصر قلب الخلايا وتقتلان انويتها وسيتوبلازمها، لكن كل واحد منهما بطريقته الخاصة من وسائل الجريمة، فالدخان يمارس جريمته بالقتل المباشر، والشيشة تمارس جريمتها بالخنق. ولتوضيح ذلك أقول أن من الثابت علميًا ولا يحتاج إلى جدل أن السبب الكبير الذي يحدثه شرب الدخان لمن يدمن عليه هو تحويل خلاياه إلى خلايا سرطانية لاحتوائه على مواد كيميائية مسرطنة، فعند تراكمها في خلايا الجسم تحولها إلى خلايا سرطانية خاصة خلايا الرئتين (ممكن مراجعة كتابي التدخين: إقلاع أو هبوط )، أما الشيشة على الرغم من أنها تحتوي على نسبة محددة من المواد المسرطنة إلا أنها قلما تصل للجسم بسبب حجز ماء الشيشة لها، كما انه لم يثبت في الشيشة وجود الكربوهيدرات العطرية المتعددة الحلقات، وهي من أهم العوامل المسببة للسرطان في دخان السجائر، وأوضح أحد البحوث على الجراك أن العناصر المعدنية الخطيرة المسرطنة تشكل نسبة 1.61% فقط وأن هذه العناصر توجد بكميات ضئيلة جدًا في مكثف دخان الجراك، وهو جزء الدخان الذي يستنشقه «المشيش»، ففسيولوجية تأثيرها توضح انها هي الأكثر خطورة كونها تمارس خنق الخلايا وترفع من نسبة الكربوكسي هيموجلوبين (Carboxy Haemoglobin) في دم «المشيش» مقارنة بالمدخنين حيث يحل أول أكسيد الكربون الناتج عن استخدام الجراك أو المعسل في الشيشة محل الأكسجين الذي يرتبط به الهيموجلوبين الموجود في كريات الدم الحمراء وبذلك تصبح الخلايا بحاجة ملحة للأكسجين (نقص الأكسجين Hypoxia) مما يؤثر على وظائفها الحيوية وخنقها تدريجيًا ولكون مادة النيكوتين الموجودة بدخان الشيشة ضئيلة فان ذلك أدعى لاستنشاق أعمق وشفط أكثر فيعرض المشيش لكميات أكبر من أول أكسيد الكربون، فيؤدي ذلك الى طلب النجدة بحثًا عن الأكسجين فتتأثر جميع خلايا الجسم تقريبًا ويظهر ذلك في حال السعال للجهاز التنفسي وتأثر الشرايين للجهاز الوعائي القلبي وبذا يكون «التشييش» أخطر في ضرره هذا من التدخين وهذه نصيحة أقدمها للنساء بشكل خاص أن يبتعدن عن «التشييش» والجراك والمعسل ومن باب أولى طبعًا التدخين. عندما كتبت مقالي (مي شيشة بلا لي) قبل خمسة وعشرين عامًا لم يكن يشيش يومها خارج البيت (في المقهى) إلا امرأة واحدة وقد خبت الأرجيلة تحت الطاولة ومبسمها يلتقي مع مبسم الشيشة خلسة، واليوم انتشرت ظاهرة إقبال البنات على الشيشة بشكل غير طبيعي، ولاشك انهن سيدفعن ضريبة لذلك في المستقبل وهو صحتهن وأموالا طائلة لعلاجهن وأنا هنا لا أعظ ولكن أقول استخدمن عقولكن وأرحمن خلاياكن ونعمة الصحة إن ذهبت لا تعود.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store