Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

إقلاع أو هبوط!!

A A
هناك أشياء ليس فيها مكان للوسط والأمر محدد فيها يا أبيض أو أسود ليس هناك منطقة رمادية، ومن هذه الأمور المواد الضارة التي تدخل الجسم والأفكار السامة التي تغزو العقل والسلوكيات السيئة التي تسيطر على النفس، وفِي هذه الحالات الثلاث إما أن يدعها الإنسان ويقلع عنها أو انها ستكون وبالاً عليه في يوم من الأيام وتهبط على جسمه أو عقله أو نفسه.

ومن أكثر اللأمور وضوحًا اليوم بأدلة بحثية وطبية وعلمية وتجريبية أن لها تأثيرًا كبيرًا جدًا على الحياة والجسم والنفس هي مسألة التدخين واخته الشيشة اللذان تتأكد مع الأيام ضررهما يومًا بعد يوم على الجسم خاصة الرئتين والدماغ والقلب، فإما أن يقلع المدخن عن التدخين أو تهبط سمومه على جسمه: «رئتيه ودماغه وقلبه» بشكل خاص، ومن الغباء جدًا أن تجد من يقول «فلان لم يدخن ومات بسرطان الرئة بينما فلان الذي يدخن عايش وما جاله سرطان» فيحكم من حالات فردية ذات أسباب فردية ويترك أمرًا مجمعا عليه من الناحية الطبية والبحثية والتجريبية، ومن غير الأمور المقبولة أن يعلق الإنسان ما به سبب برب السبب دونما أخذ بالاعتبار بالناحية العلمية التي يقدسها الإسلام ويجعلها محل احترام وأخذ بالأسباب وهي ان التدخين يعني ادخال مادة سامة للجسم عامدًا متعمدًا ويبقى جزء منها في الصدر ويتسلل الى الخلايا ليسلب منها الحياة بالتدريج ويضيق عليها الأنفاس ويكتم مكوناتها الخلوية والسيتوبلازمية، ومن هذا المنطلق العلمي البحت فانني قلت أكثر من مرة انني أذهب الى تجريم (بالجيم وليس بالحاء) شرب الدخان من الناحية العلمية لانه يتسبب في هلاك الأرواح والأجسام وتضييع المال والتعدي على الأسرة بالتدخين السلبي كون من حوله من أهله وصغاره يصلهم المرض من خلاله، تاركًا التحريم والناحية الفقهية والفتوى الشرعية للعلماء الشرعيين وعلة التجريم العلمي هنا هو إحداث الضرر البالغ والمؤكد، وقد كتبت كتابًا صغيرًا وملخصًا يثبت بما لايدع مجالا للشك ضرره بعنوان «التدخين: إقلاع أو هبوط».

بقي مسألة أخرى اجتماعية وهي أن التدخين إحدى الوسائل التي تتخذ منها شركات التبغ وصولا الى المال عبر صغار السن، وقد جاء في ما كتب عنهم وأرشف في استهدافاتهم انهم يستهدفون الحصول على المال عبر صغار السن، ومن المعروف ان هذه الشركات تكتب عيانًا بيانًا أن التدخين يسبب السرطان فأجتنبوه وبالتالي أي أهداف أخرى هي من وسائلهم، لذلك العالم كله والدول بأجمعها تحارب انتشار التدخين بكل الوسائل ومن ذلك وأهمها رفع قيمة الجمارك والأسعار للدخان وضبط أمور شراءه من قبل صغار السن، وقد أشارت كل الدراسات ان ارتفاع مؤشر التدخين إنما يكون من سن مبكرة وآخر احصائية تذكر أن ٨٠% من المدخنين إنما بدأوا التدخين من قبل سن ١٨ سنة مما يوجب التركيز على الأخذ بأسباب وخطط مدروسة للتوعية الاجتماعية والأسرية فيما يخص تجنيب صغار السن من ضرر التدخين ويقع على وزارة التعليم والجامعات ووزارة الصحة مسؤولية تاريخية واجتماعية يسألون عليها أمام الله ويجب أن تساعد جميع الجهات بما في ذلك مجلس الشورى المجتمع في التخطيط السليم لمواجهة الاستهداف لصغار السن في تسميم خلاياهم من سن مبكرة لأن الصحة أمانة خاصة صحة الأجيال الناشئة، كما ان تحقيق ذلك يجنب الوطن خسارة اقتصادية في علاج مرضى التدخين مستقبلا، والسفهاء الذين يهونون من أمر التدخين وهبوطه على خلايا الجسم مسببًا الأمراض فهم واحد من اثنين إما لتورطهم بالتدخين كعادة سيئة أو لكونهم يجهلون الآثار المترتبة عليه فان الأولى فمن ابتلي عليه أن يتقي الله في مجتمعه ووطنه ولا يبرر ويقلل من خطر التدخين، أما الأخرى وهو الجاهل يُعلم، فالعلم نور والجهل ظلام، وتساعد الأنظمة والحزم في أماكن التعليم والتوظيف من منع التدخين أن تقلل النسبة والتعود على نسيانه وبالتالي تركه وقد نجحت جامعة الملك عبدالعزيز في ذلك في مشروعها «جامعة بلا تدخين» في منعه في أماكن العمل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store