Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

حُبُّ العرب.. جنون أم كذب؟!

ضمير متكلم

A A
* (الشِّعر ديوان العرب)، وبالرجوع له منذ الجاهلية وحتى اليوم، نجد أغلب قصائده -فصيحة كانت أو غير ذلك- تدور حول (الحُبّ والعشق والهيام)، ورِدَاء الأغلبية مَدّ أَكْمامَهُ لـ"أبيات الأغاني بشتى صورها"، ولم يكتفِ بذلك فأمواجه طاغِيَة في (الحكايات)، التي نقلها الرُّوَاة كتلك التي جمعت بين (جَميل وبُثينة، وعنترة وعَبْلة، وكُثَيِّر وعَزّة)، أو تلك التي نسجتها خيالات الأدباء في رواياتهم!.

* (الحُبّ العربي) أوصل (العاشق) أن يظلّ باكياً عند فراق محبوبته وهو يُلصق خدَّه بالأرض ليحظى بآثار أقدامها، وتناثرت شظاياه لتصيب دوابّ الأحبة، كما أكد "الشاعر اليَشكُري" (وأُحِبُّهَا وَتحِبُّنِي.. وَيُحِبُّ نَاقَتَها بَعِيرِي)، بل قد ينتهي بهم (الهيام) لفقدان العقْل، كحال (مجنون لَيلى)!!.

* (قصائد وحكايات وأغاني الحب بين الجنسيـن عند بني يعرُب) كان حقها أن تؤكِّد على رقَّة قلوبهم ولِين طبائعهم وأحاسيسهم المرهفة، وهو ما يصنع علاقات زوجية فريدة، وأُسرَاً سعيدة، ومجتمعات أكثر تناغماً وتماسكاً ماضياً، ولكن يبدو لا شيء من ذلك، فـ(القسوة والغِلظة أبرز صفاتهم)، فيكفي أن منهم الذين يئِدون بناتهم، والذين يقتتلون لــ (40 سنة) من أجل (الحيوانين أو الفرسيْن دَاحِس والغَبراء)، وقد يتناحرون بينهم لسنوات نيابة عن غيرهم، كما فعلها الغساسنة وهم يدافعون عن دولة الرّوم، في مقابل المناذرة المناصرين للفُرْس!!

* هذه شواهد بسيطة من الماضي، أمّا في الحاضر فقد استمرت حلقات (حكايات الحُبّ عند العرب) إلا أنّه لا أثر لها في حياتهم، فنِسَب الطّلاق مرتفعة جداً؛ ففي حين لم تَقلّ عن (15%) من عقود الزواج في دُولِهم، تجاوزت في بعضها الـ (48%)، أما العنف الأسري فرغم غياب الإحصائيات الدقيقة إلا أن "المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة في الدول العربية" أشار في دراسة حديثة إلى أنه في حدود الـ(50%)، يضاف لذلك ازدياد نسبة الجريمة التي تغذيها صراعات واستقطابات دينية ومذهبية وسياسية؛ فغدت وأمست المنطقة العربية أكثر ساحات العالم التهاباً!!

* أخيراً تقديس (العَرب لــ"الحُبّ") جعل مِـن مأثورهم: (من أحبَّ فعَفَّ فمات، مات شهيدًا)، وهذا ما أكده "جميل بُثينة وهو يُردّد:

يقولون: جاهِدْ يا جميلُ، بغَزوةٍ

وأيّ جهادٍ غيرهنّ أريدُ

لكلِّ حديثٍ بينهنَّ بَشَاشَةٌ

وكلُّ قَتيلٍ عندهنَّ شَهِيدُ

ولكن بعد تلك الحكايات والمعطيات التي رصدها سِجل العرب في ماضيهم وحاضرهم مِـن حقنا أن نسائل: هل صدقوا في ذلك (الحُبّ المجنون) الذي يجمع بين آدَمِهِم وحوائهم لتجاوز الحَدّ، أم أنّ كُلّ ذلك مجرد كذب، وعشق للمتعة والجسد؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store