* مع بدايات الألفية الميلادية الثالثة بدأ (الإعلام السعودي) يَفْقِد شيئًا مِن بريقه وتأثيره في الدَّاخِل والخارج؛ لِعَوامِل منها: أن «مؤسساته الكبرى» لم تَسْتَشرِف المستقبل؛ فَتَأخرت كثيرًا في مواكبة تطوراته، وأدواته الإعلامية الجديدة؛ فَتركت فراغًا كبيرًا، ومساحة واسعة نَبَتَت فيه المئات من الصّحف والمنَصات الإلكترونية، التي معظمها يفتقِد لأبسط أبجَدِيّات المِهنيّة!
* ومِن العوامل الرئيسة لذلك الوَهَن الذي أصاب (إِعْلامنَا) أن أغلب العامِلين فيه غير متفرغين؛ لأنّ هَمَّ (مؤسساته) ترشيد نفقاتها لمواجهة عَثَراتها الاقتصادية؛ فكان اعتمادها على المتعاونين الذين لهم أعمالهم الرسمية التي تأخذ وقتهم وجهدهم؛ فجاء عطاؤهم محدودًا وتقليديًا؛ فغايته فقط تلك المكافأة البسيطة المقطوعة التي تعتمد على الإنتاجيّة!
* أمّا (المتفرغون للمهنة وَهُم قَلِيل)؛ فأصبحوا وأمسوا يُعَانون من الرواتب الهزيلة التي قد تتأخر أو تنقطع لأشهر، في حين لا يجدون الرعاية والاهتمام من (الهيئة المدنية المعنية بشؤونهم)، يحدث هذا في ظِلِّ ضعف مخرجات كليات وأقسام الإعلام في الجامعات التي يُصَاحِبها التنظير، ويبتعد عنها التطبيق، يُضَاف لذلك ندرة معاهد وأكاديميات التدريب الإعلامي!
* وهنا إذا كان (الإعلام) في الماضي «سُلْطَة رابعة» تُراقِب السّلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)؛ فقد أصبح اليوم (سُلطة أولى) تمتلك التأثير الفاعِل في المجتمعات؛ ورَفْع رايات الدّول والدفاع عن قضاياها؛ ولذا فحقّ (إعلامنا) أن يمتطي قِطار التطوير والتغيير الإيجابي الذي تحظى به بلادنا في طريقها للوصول لمحطة رؤيتها التنموية والحضارية الطموحة 2030م.
* فما أرجوه وأدعو إليه أن تتبنى (وزارة الإعلام) إقامة مؤتمرات وورش عمل تضم خِبرات محلية وخارجية من الدول المتقدمة في هذا المجال، مع الإفادة من التجارب الناجحة في هذا الميدان؛ وذلك لرسَم رؤية واضحة لمستقبل الإعلام السعودي، مع استثمار برامج الابتعاث في تأهيل نخبة من الإعلاميين المتميزين، وقبل ذلك تهيئة بيئة عملية صِحّيّة، يجد فيها أهل الإعلام حُرّيَة الرأي، والأمان الوظيفي، وحقهم بالتأمين الصحي، والمعاش التقاعدي المناسب، والإسكان، إلى غير ذلك مِن وجوه وجوانب الدعم المادي واللُّوجِستي التي بالتأكيد ستساهم في خَلْق إعلام قَادر على صناعة الإبداع والفارق في خدمة الوطن.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
