Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريــف قنديل

خبراء الرقص الهستيري مع عرائس فيضان النيل!

إضاءة

A A
أرجو ألا تعوم القاهرة والخرطوم أو تناما على وقع الحديث المنهمر هذه الأيام عن فيضان النيل، وعن المنسوب الذي ارتفع والمعدل الذي كثر، وغيرها من تصريحات مهدئة للأعصاب ولا أقول مخدرة! وبالجملة أرجو ألا يساهم هذا الحديث المشتعل في تبريد المواجهة السياسية ولا أقول العسكرية أو الأمنية مع أديس أبابا! لقد أخذ حديث نجاح الملء، وفشل الملء، مساحة كبيرة من الوقت، فيما يشبه الهدر! وكأن المشكلة الأساسية هي نجاح الملء من عدمه! وجاء الدور الآن على حديث الفيضان الكبير! وبافتراض أن إثيوبيا فشلت في الملء الثاني أم لم تفشل، هل سيغير هذا الحديث من الأمر شيئا؟! هل سيؤثر مثلا على جسد السد نفسه، أو على مستقبله؟! فان أخذنا بقول الإثيوبيين إنه نجح، فهل يعني ذلك، أننا نجينا من الكارثة المستقبلية؟! بمناسبة المستقبل، وكله بيد الله، أخشى كذلك، أن ننام خمسة أعوام أو أقل أو يزيد، ونصحو فلا نجد النيل، أو نراه جافا متصحرا، كما حدث ويحدث لنهر الفرات! وبمناسبة الفرات، أرجو ألا ننسى الخريطة الإسرائيلية الثابتة من النيل إلى الفرات! وبمناسبة إسرائيل، أرجو ألا نعتبر بيان السفارة الإسرائيلية في القاهرة والذي يتحدث عن أن لديهم ما يكفيهم من الماء ويفيض، بمثابة رسالة طمأنة وأمان!
لقد سرني أن يقول الدكتور عباس شراقي، وهو أستاذ وخبير مائي كبير إنه «من المفترض ألا تكون هناك علاقة بين الفيضان الحالي، وعملية التفاوض، وأن الاتفاق الذي تسعى إليه كل من القاهرة والخرطوم لأن ما يضع قواعد للمستقبل وطرق للملء والتشغيل»! المثير أن «شراقي»، وهو اسم الخبير المصري الواعي والنبيل، يعني «الأرْضُ التي لم يصلها ماء النيل، فإذا رُوِيَتْ جادَتْ، وسُمِّيَتْ ريّ الشَّراقِي»! ومن ثم فلن نذكر الدكتور عباس باسم جده، ولا بأرض مصر، ولا بنيلها الجميل! في ضوء ذلك، يصبح من العبث ونحن نتحسب لفيضان النيل هذا العام، أن ننسى حتمية التوصل إلى حل سليم يضمن عدم المساس بحصة مصر في النيل، مع الاحترام لجهود «التبطين»! أما أن ننصرف تماما للحديث عن «فشل الملء» من جهة، «والفيضان» من جهة أخرى، وننسى الموضوع الأساسي فهذا هو الخطأ الفاحش! والموضوع الأساسي في الحقيقة هو إقامة سد على حدود دولة المصب، تمهيدا لإقامة عدة سدود! وسواء ساهم «فشل إثيوبيا» في الملء الثاني، أو ساهم الفيضان في حصول كل من مصر والسودان على حصتيهما وزيادة هذا العام، فان النوم على ذلك، أشبه «بالنوم في مياه البطيخ!» وهو مثل مصري وسوداني أيضا يشير إلى عدم المبالاة! من ذلك وعلى مستوى الخبراء هناك من راح يبشر بالخير القادم للسدود السودانية على النيل الأزرق الروصيرس وسنار، وللنيل الموحد لسد ميروى وللسد العالي في مصر، مطالبا بإعلان حالة الطوارئ لاستقبال الفيضان العالي.. وبلغ من التغزل في الفيضان القادم، هذا العام حد التحدث باستفاضة عن «قيامه بغسيل وتجديد نشاط مياه النهر وتخلصه من التلوث بطول مجراه» ليس هذا فقط، وإنما «تجهيز بحيرة السد للامتلاء، وتخزين كميات مضاعفة، وتوزيعها على الجيران»! ليس هذا فقط وإنما «ينبغي الاستعداد من الآن لانجراف سد إثيوبيا، وانزلاقه في طريق مياه الفيضان»... يا حرام! وإذا كان ذلك هو حال بعض الخبراء الآن فلماذا نلوم البسطاء الذين ينشرون صورا عن الفيضان، باعتباره «انتصارا لمصر، مرددا الله أكبر وتحيا مصر»، و»معاندة إلهية للغطرسة الإثيوبية، متبوعة بايات قرآنية»؟! لماذا نلوم المتحدثين الآن ضرورة إحياء العادات المصرية القديمة التي تقضي بإلقاء العرائس «القماش» في النيل، حتى لا يفيض ويغرق القرى والسهول!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store