Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«بيزنس» الاستشارات الأسرية.. «فهلوة».. تفكيك للأسرة .. « تخبيب» للزوجين

«بيزنس» الاستشارات الأسرية.. «فهلوة».. تفكيك للأسرة .. « تخبيب» للزوجين

العبث بالأمن الاجتماعي ينتظر عقوبات رادعة

A A
في ظل حالة واضحة من الفوضى وغياب التنظيم، تحولت الاستشارات الأسرية إلى «بيزنس» يدر أموالا طائلة على أناس لا يحملون أي شهادات متخصصة، ولا مؤهل أو اعتماد أكاديمي من جهات مسؤولة، بعد أن وصل سعر الاستشارة الواحدة في بعض الأحيان إلى 400 ريال .

وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه أن يسهم هذا النشاط في استقرار الأسر لما لذلك من نتائج ايجابية، ازداد حجم الخلل بتفشى الخلافات الأسرية وحالات الانفصال والطلاق وتفكيك للأسرة، و» تخبيب» للزوجين، وغيرها من العبث بالأمن الاجتماعي، على أيدي استشاريين دخلاء يمارسون ما لايعرفون أو يدركون، وذلك بطريقة» الفهلوة» وعدم الاستناد على إمكانيات علمية أو تخصصية تؤهلهم للخوض في هذا المجال المهم.

«المدينة» تطرح القضية المجتمعية على عدد من المتخصصين والاستشاريين النفسيين والقانونيين في هذه القضية..

استشارات بدون حسيب أو رقيب

في البداية تساءلت لمياء البراهيم ـ استشاري طبيب أسرة-: متى ندرك أن دور المرشد الأسري في مجال الإرشاد والاستشارات الأسرية لا يقل أهمية عن طبيب الأسرة، في رفع مستوى جودة حياة الأسرة والمجتمع؟ محذرة من كثرة الدخلاء في هذا المجال المهم، قائلة: قد رأينا الكثيرين يملكون مواقع للتواصل الاجتماعي بها بطاقة تعريف وهمية وتزكية معارف، ولربما حضروا دورات أو محاضرات أو لديهم مؤهلات غير معتمدة، ووصل الأمر لفتح عيادة لتقديم استشارات مدفوعة لا حسيب عليها ولا رقيب، كما يعمد هؤلاء الى الكتابة والظهور في القنوات الإعلامية منظرين في قضايا الأسرة بدون ضوابط مهنية.

وأضافت: ولا يخفى على أحد خطورة ترك الوضع كما هو عليه لأن النتائج ستكون كارثية من خلال بث الأفكار المغلوطة و تخريب العلاقات الأسرية و»تخبيب» الزوجين، والمزيد من الضغوط والتوترات النفسية والأسرية والتي تكون في الغالب سببا للأمراض الصحية، وكلها تستنزف موارد الدولة وتؤثر على الطاقة الإنتاجية للأفراد .

وناشدت البراهيم «وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية» التصدي لفوضى الألقاب المهنية في تخصص الإرشاد الأسري من خلال تأسيس هيئة وطنية تعنى بتصنيف المؤهلات واعتماد ساعات التدريب والتطوير المستمر، والمسح الأمني، وإيجاد قاعدة بيانات لكل من يزاول مهام ترتبط بالأسرة تطوعية كانت أو مدفوعة أو أن تضاف هذه المهمة لهيئة التخصصات الصحية لحماية الأسرة ومنع اختراقها وإعاقة تحقيق رؤية المملكة 2030.

50 ألف ريال غرامة بدون ترخيص

أكد الدكتور أصيل بن ساير الجعيد ـ أستاذ القانون الجنائي ـ أن مجال الإستشارات الأسرية بحاجة للمزيد من التنظيم، وقد أصدرت «وزارة الموارد البشرية و التنمية الاجتماعية»، القواعد التنفيذية للائحة التنظيمية لمراكز الإرشاد الأسري الأهلية، وجاء في طياتها شروط الترخيص للمراكز، ويعاقب كل من يقدم خدمات الإرشاد الأسري بدون ترخيص بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال بجانب إغلاق المركز ومنعه من مزاولة النشاط حتى حصوله على الترخيص.

ويطالب الجعيد بضرورة إعادة النظر في اللائحة التنظيمية والقواعد التنفيذية لمراكز الإرشاد الأسري الأهلية وتحديثها؛ لمواكبة آخر الأساليب والممارسات المستجدة في مجال الاستشارات الأسرية؛ لانها لم تغط من يقدمون الاستشارات الأسرية والإرشاد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى نشوء «سوق سوداء» يقتات من خلالها بعض ضعاف النفوس على مشاكل الناس.

كما أن طبيعة ونوع العقوبات وأوصافها الجنائية للممارسين غير النظاميين بحاجة لإعادة تأطير. ودعا إلى إيقاع عقوبات صارمة على من يرتزقون من مشاكل الناس دون خبرة وتخصص عابثين بالأمن الاجتماعي، داعيا إلى تنظيم الوساطة للزواج.

الإرشاد الأسرى يعاني الفوضى

تؤكد الدكتورة نجوى عابد الثقفي ـ دكتوراة في علم الاجتماع الجنائي ـ أن الإرشاد الأسري أصبح «مهنة من لا مهنة له»، بالرغم من أنه تخصص قائم على نظريات علمية يقوم بها متخصصون درسوا سنوات وعملوا وتراكمت خبراتهم حتى وصلوا الى المرحلة التي استطاعوا بها ان يقيّموا الحالات التي تردهم والوصول الى عمق المشكلة التي يستمعون اليها .

وأضافت: إن الموضوع ليس نصائح تقال أو سؤال وجواب، مضيفةً أنه أمانة، والإرشاد- إضافة للتخصص- يحتاج إلى مهارات شخصية؛ كحسن الاستماع، والتأني في الحكم، وحسن البصيرة، ومن المهارات المهنية: حسن التحليل، وإجادة التعبير وتقسيم المسموع وبراعة التكوين، ومن المهارات المعرفية: جودة المقروء، وكثافة المعروف، وبلاغة التحليل، واتقان الربط.

دخلاء يمارسون الشعوذة الاجتماعية

تصف نوف ناصر أبوشارب- أخصائية نفسية - عبث الدخلاء بالاستشارات الأسرية بممارسات ( الشعوذة الاجتماعية) ، مشيرة إلى أن الكل أصبح يدلي بدلوه، ويقدم استشارات ونصائح وهو غير متخصص وغير مؤهل للعمل ، وأشارت إلى أن المستشار الأسري مهنة سامية لها أحكامها وقوانينها، وليست كما يفعل « المتقمصون «المنحرفون عن المسار الصحيح، وهذا ماقد يجهله العميل، ودعت الى أن يكون هناك وعي كامل من طالب الخدمة أولاً لمعرفة ما إن كان هذا المستشار متخصص في تقديم الاستشارة أم لا ؟

اجتهادات شخصية أقرب إلى «الفهلوة»

علي عبدالرحمن الشهري ـ اخصائي اجتماعي ـ يؤكد أن الاستشارات الاسرية بمثابة «صمام الأمان» الذي يساعد الاسرة على تحقيق التوافق والاستقرار، والوقاية من أي خلل؛ لذا يجب على من يقوم بهذه الرسالة النبيلة أن يكون متخصصا ومهنيا، محذرا من خطورة الاستشارات العشوائية التي يقوم عليها غير المتخصصين لأنها بمثابة معول هدم لكيان الاسرة وتفاقم المشكلات، وهي اجتهادات شخصية أقرب» للفهلوة» .

وقال: إن هذا النوع من الإرشاد يتعامل مع القشور لا الجذور، ولا يمكن لهذا الاستشارات العشوائية إدراك المشاعر والاحاسيس التي لها تأثير في دراسة الحالة وفي حلول المشكلة .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store