Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

رعاة (كورونا)..!

صدى الميدان

A A
* انتشار أي وباء يقف خلفه أسباب تسهم في ذلك، وفي وباء كورونا، الوباء الذي ضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه، أكبر مثال على أن من أخطر ما يمكن أن يعيشه أي مجتمع من أزمات، معاناته من أزمة (الوعي)، حتى وإن اعتقد أنه بلغ من العلم والتقدم ما يجعله يفاخر بما حققه من إنجازات، وما وصل إليه من درجات، هي في واقعها لم تكن لتغني عن أهمية بناء الإنسان ككائن مكرم منح العقل؛ ليستعمله لا أن يعيش به ويعطله.

* ولعل فيما بذلته مراكز الأبحاث العالمية من جهود عظيمة في الوصول إلى (لقاح) ينقذ البشرية من هذه الجائحة ما يحقق جانب التفعيل لذلك العقل، ولكن في المقابل سعى فريق المرجفين ممن عطلوا عقولهم إلى نشر الشائعات، وحملوا لواء التحذير من أخذ اللقاح، وبكل أسف وجدوا الأرضية المناسبة في ظل سيادة غياب الوعي، وعدم توقف الإنسان عند حدود ما يعلم، وإن جهل فإنه بكل أسف يكابر حتى مع ضعف حجته وبطلان أدلته.

* وإلا فإن العالم مهما بلغ من العلم فإن حدود علمه لن تتجاوز مكافحة الأوبئة، والحد من انتشارها، بل والقضاء عليها، ولكنه مع كل ذلك لم ولن يصل إلى ذلك اللقاح الذي يمنع الوفاة (القدر المكتوب منذ نفخ الروح)، ومع ذلك وجد من يرجف على الناس بحجة أن أحد الأشخاص رغم أخذه للقاح أصيب بكورونا، ومنهم من مات، في وقت وجد أولئك المرجفين من يسمع لهم، ويصدقهم بل وينضم تحت لوائهم، حتى وإن كان حدود علمه وعالمه حساب في تويتر، وباسم وهمي بعد.

* في جانب آخر جاء فرض العقوبات كسلاح فعال، فرمل وبقوة (صلف) من لا يعنيهم لو لوثوا فضاء الآخرين بأنفاسهم الحاملة لفيروس كورونا، في كارثة كانت ستكون بأضعافها فيما لو لم يصطدم أولئك بحاجز الخوف من تلك العقوبات، ورغم ذلك بقي فلول منهم هم اليوم أمام القضاء؛ ليقول فيهم كلمته الرادعة، ومما يؤكد على أن هنالك عينة لا ينفع معهم إلا فرض الأمر الواقع، جاء قرار إلزامية التحصين كاتجاه اجباري ليس لهم معه إلا الاستجابة، وهنا تفضح أنانيتهم في كونهم يرفضون أخذ اللقاح، ولكن في المقابل لا يهمهم من أن يكونوا الوسيط في نقله إلى الآخرين!

* كما أن كل تلك الفئات التي لم تلتزم بالإجراءات الاحترازية، كمن يصرون على التجمعات، وعدم الحرص على التباعد، بل وتصوير ما يقومون به من ولائم، ودعوات، واستقبالات في منازلهم، واستراحاتهم، تؤكد على أن البعض اليوم لا يعيش أزمة علم، بقدر ما يعيش أزمة وعي، ولا يمكن أن يصنف أولئك في عصر الانفجار المعرفي، والتقني، والثورة الصناعية، بأنهم يعيشون أزمة معرفة، بقدر ما يعيشون أزمة تطبيق، فهم يعلمون يقيناً أن كورونا (قاتل)، ولكنهم يتعاملون مع ذلك بلا مبالاة، وهو ما يفسر طول أمد بقاء كورونا، الذي ازداد توسعاً وتناسلاً؛ لينتج متحورات أشد منه فتكاً وشراسة.

* تحقق كل ذلك، وما من سبب إلا أنه مهما كان مبلغ الإنسان من العلم، فإن ذلك العلم لن يثمر في وسط يتعمد تغييب وعيه، ويصر مع سبق الإصرار والترصد على أن يكون من رعاة كورونا، الوباء الذي بسببه جثا العالم على ركبتيه، بل ووحده رغم كل شيء باتجاه البحث عن مخرج من سطوة قبضته المرعبة، تلك القبضة التي لم تكن لولا أنه وجد من ينكر العلم، ويؤمن بالخرافة، ويخفي الحقيقة، وينشر الإشاعة، ومن ينجح علماً ومعرفة، ويرسب واقعاً وسلوكاً وتطبيقاً.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store