Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

فضيلة العناق

A A
لا أشكّ في أنّ للعناق (الأحضان) فوائدَ علمية مُثبتة، وهو من السلوكيات العاطفية المُجرّبة، فإضافة إلى ارتباطه بإفراز هرمون الحبّ (أوكسيتوسين) الذي يلعب دورًا أساسيًا في التواصل العاطفي للمرأة مع طفلها، يُساعد العناق بين المحبّين على زيادةِ الشعور بالثقة والأمان، ويعززّ الرغبة الحميمة بين الأزواج، ويحفّز على الميل الفطري للانخراط في عملية الاتصال الجنسي.

ومن خلال التواصلِ الجسدي عن طريق المُعانقة بمشاعر طيّبة، يتمّ دعمُ هرمونات مضادّة للاكتئاب والقلق، مما يحسّن المزاج ويُساعد على التغلّب على المشاعرِ السّلبية والكآبة وضعف الثقة في النفس، ويُعطي إحساسًا بالارتياح والأمان النفسي، وقدرةً أفضل على مقاومة الضغوطات النفسية والاجتماعية، بل والتخفيف من الشّعور بالآلام الجسدية، والمساعدة على النوم، والتغلّب على الشعور بالخوف والوحدة وحتّى القلق من الموت، فضلاً عن أثره الإيجابي على نظام المناعة ومقاومة الأمراض المُعدِية، كما تُظهر الإشاراتُ العلمية الأثر الإيجابيّ للاحتضان على صحّة الجهاز الدوري الدموي وحماية القلب.

ويختلف الناسُ في مدى تقبّلهم الشخصي لسلوك العناق، فبعضُهم ليسوا معتادين على اظهار مشاعرهم ودعمهم النفسي عن طريق العناق، فهم يتحرّجون من ذلك إمّا لتفضيلهم الحفاظ على مسافة جسدية فاصلة بينهم وبين الآخرين، أو نتيجة تربيتهم العائلية وثقافتهم الاجتماعية التي لا تهتمّ بالتعبير عن هذه المشاعر بهذه الطريقة، في حين أنّ آخرين يتوقون للشّعور بالطمأنينة والاحتواء، بواسطة التعبير عن مشاعرهم باحتضانهم لأطفالهم وأزواجهم وأصدقائهم المقرّبين بشكلٍ مُتكرّر، وهذا الاختلاف، قد يسبّب سوء تفاهم وخيبة أمل واضطراب العلاقة بين الأزواج، كما يمكن لندرة الاحتضان أو انعدامه، أن تتسبّب في مشاعر سلبية وعُقد نفسية وقصور في القُدْرات الفكرية للأطفالِ المحرومين من الأثر الإيجابي لتبادل الأحضان مع آبائهم.

ومن المُلاحظ أنّ بعض المجتمعات، تقبلُ إظهار المشاعرِ الطيبة بين الأزواج والأقارب عن طريق العناق العَرضي في التجمّعات العامة، وتعدّه شكلاً طبيعياً من إظهار المودّة الشخصية دون توجّس، وهو وسيلةٌ جيّدة لكسر الجمود النفسي، وإيصال مشاعر الرضا والاطمئنان، لكنّ مجتمعات أخرى، تتحرّج من إبداء سلوك المُعانقة أمام الناس، وتعتبره خارجاً عن الذوق العام والأدب المجتمعي، وهو ما يجبُ الانتباه له واحترامُه في كلتا الحالتين.. تقول الروائية الأمريكية (آن هود): «لقد تعلّمتُ أنّ هناك قوّة تكمن في عناق قويّ جيّد، أكبر من ألف كلمةٍ ذات معنى».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة