Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

دروب الشك ينقصها اليقين

A A
«الشك» آفة من آفات النفس تكسب الإنسان التردد وتعيشه في المخاوف وتمنحه حياة ناقصة منزوعة الاستقرار، وهو على أنواع، منه ما له علاقة بالخالق وهو الشك بالله كما قال تعالى (قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض) وهذا النوع مبتلى به من تجردت نفسه من معرفة الحق وانحسر عقله في الفلسفات واعتمد على المحسوسات فقط والأداة في دحض هذا النوع من الشك هو التفكر في خلق السموات والأرض وفي الكون ودقة صنعه وفي المخلوقات والنفس البشرية ودقة صنعها (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فتحريك أداة العقل وحواس النظر والتفكر يدحض الشك بالخالق ويورث النفس اليقين.

أما النوع الثاني من الشك فهو الشك في عطاءات الخالق خاصة عند دعائه وطلب الحاجة منه فإنه يتسلل لبعض النفوس عند عدم الاستجابة السريعة الشك في الثقة بالله وعدم اليقين بقدرته، وهذا النوع من الشك يزال بالتعرف على الله أكثر من خلال أسمائه الحسنى وصفاته العليا.

والنوع الثالث من الشك الذي يأتي بمعنى الغيرة خاصة بين الزوجين، وقد كتبت مقالا سابقًا عن الغيرة المذمومة والغيرة المحمودة ومتى تكون مرضًا ومتى تكون ضرورية فالزوج الذي يشك في زوجته أو العكس الزوجة التي تشك في زوجها يعيشان حالة من الاضطراب النفسي، والشك هنا هو شك الخيانة أي أن الزوج أو الزوجة يشك كل واحد منهما نحو الآخر بأنه يخونه، وحقيقة الأمر ليس هناك أي خيانة إنما تصرفات عادية يراها المريض بالشك انها خيانة، والدارج بين الناس ان هناك شك من طرف واحد وهو شك المرأة بأن زوجها متزوج عليها وهو ضار بها والأفضل ألا تشك حتى لو كان زوجها متزوجًا عليها حقيقة فلتدعه وشأنه إن تزوج سرًا أو مسيارًا أو مسفارًا أو مطيارًا أو أي نوع من أنواع الزواج، لان ذلك يخدمها وسوف تعيش عيشة هنية وكلها سعادة واهتمام من زوجها، أما إذا أشعرته بذلك ودخلت معه في خصام فانها ستخسر كثيرًا لانه لن يترك زوجته الثانية خصوصًا لو كانت صغيرة في السن بها حيوية ونشاط من أجل أخرى منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء.

أما النوع الرابع من أنواع الشك فهو الشك في التعامل مع الآخرين في الحياة بأن فلانًا وفلانًا يترصدني لأعمالي وهم سبب اخفاقي أو ان سبب ما أصابني من داء وسوء حال إنما هو بسبب عين فلان أو حسد فلان وهناك ضروبًا متعددة أخرى من الشك وليس من أمر يمكن أن يدحض الشك مثل اليقين وعندما تحدث بعض السلف عن حرارة الايمان قال آخر إن برودة اليقين تلطف أجواء الحياة وتسير أمورها، فاليقين يمنح النفس الراحة ولا يبدد لهيب الشكوك شيء مثل اليقين فهو يذهب دهونًا تترسب في داخل النفس البشرية تشككها في الله أو في القرآن أو في الرسول وتلغي وسواسًا يعشعش في مصداقية إجابة الدعاء وتنهي أوهامًا تتحدث بها القلوب عن خيانة زوجية أو غيرة مرضية كما أنها تبعد به أي باليقين جميع الشوائب التي يتعلق بها البعض بأسباب المرض واتهام الآخرين بأن عيونهم شاخصة وقلوبهم حاسدة والشك حتى في النفس فيما تتناوله من أمور الحياة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store