Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

قضاء فرانك كابريو!!

A A
العدل والمساواة والتكافل والصدق والوفاء بالوعد وغير ذلك من القيم الفاضلة والأخلاق الكريمة تعد قيماً وسلوكيات عالمية لاعلاقة لها بدين معين أو مذهب أو طائفة محددة، فالكل مجتمعون في ممارستها فاضلة والكل أيضاً مجتمعون في الإخلال بها، لذا يكون التقييم فيها فردياً ولكن قد يكون مؤشر ممارستها الجمعي يميل لطائفة دون أخرى انطلاقاً من حجم التعزيز الديني والمؤسسي المحيط بها، ولاشك بأن من يمثل أعلى درجات الممارسات للقيم والسلوكيات الفاضلة هم الأنبياء والمرسلون فهم دوماً قدوة لشعوبهم ولاشك بأن نبينا محمداً خاتم الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم كان خير قدوة في تمثيلها، وشهد له بذلك رب العالمين سبحانه حينما قال (وإنك لعلى خلق عظيم)، وكما قال هو عن نفسه عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

لكن اللافت للانتباه ان الكثير من أفراد الأمة المحمدية قد فرطوا بتلك القيم والسلوكيات العظيمة حيث وجدنا أن الكثير من تلك القيم والسلوكيات تتلون حسب الظروف والميول لممارسيها، لذا اختلت موازينها لدى الكثير منهم.

وبما أن تلك القيم والسلوكيات الفاضلة عالمية فتمثيلنا سيكون على رجال القضاء والقانون كونهم يمثلون أغلب تلك القيم في معاملاتهم ودورهم إصلاح المجتمع إما بطرق الترغيب أو طرق الترهيب.

وفي حديثنا اليوم لن نأخذ في الاعتبار جانب الدين والمذهب بل سنقتنص مثالنا على من يتمثل تلك القيم والسلوكيات أثناء تأدية عمله القضائي كي يتحقق جانب الإصلاح وهو المطلوب في نهاية الأمر، لذا سنقتنص التمثيل بشخصية قضائية أمريكية أصبحت حديث المجتمعات العالمية ومثار الإعجاب لأسلوبه وطريقته في محاكمته للمتهمين حيث نجد أن ذلك الأسلوب يترك أثراً بالغاً في منتهى الإيجابية والرحمة والإنسانية التي أمر بها ديننا الحنيف ولم يتمثل بها الكثير من قضاة المسلمين ورجال القانون في مختلف تخصصاتهم، حيث نجد أن القاضي الأمريكي المسمى (فرانك كابلو) يستقبل المتهم بابتسامة هادئة وحوار هادئ ولطف في اختيار العبارات بالإضافة إلى اتباعه الأسلوب التربوي بمنتهى الإبداع حيث نراه يلتقي مع الأطفال المرافقين للمتهمين فيشركهم في أخذ رأيهم في اتخاذ قرار الحكم وهذا بالتأكيد له أثر عظيم على الطفل، بينما نجد في الجانب الآخر أن بعض القضاة لا يرد السلام ووجهه غالباً ما يكون متجهماً عبوساً ولا يستمع بإنصات إلى المتهم أو محاميه بل تجده يقاطع ويزجر ولا ينصت في سماعة.. وهذا كله بالطبع يتنافى مع قيم وسلوكيات ديننا الفاضلة وتعاليم كتاب الله تعالى ويخالف ما كان عليه نبينا المثل الأعلى في الأخلاق.

لذا أتمنى من الجهات ذات العلاقة بإعداد القضاة ورجال القانون أن يضعوا ذلك في الاعتبار وإزالة ما علق بمناهج القضاء من تراث متشدد لا يمت إلى قيم ديننا الحنيف، من قبيل ذلك التراث الذي جعل الإصلاح لا يتم إلا بالترهيب والقسوة والجفاء!، وهذا ما لا يتناسب مع الواقع المعاصر.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store