Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

البقاء للعطاء!!

بانوراما

A A
في جامعاتنا يحتاج عضو هيئة التدريس الذي تخرج من تحت يديه العشرات بل المئات من رجالات الدولة وقام بعمل الكثير من الأبحاث المنتجة التي قدمت حلولا لكثير من المشكلات التي تواجه المجتمع إلى التقدير والاحترام خاصةً بعد بلوغه سن التقاعد.. فعدم الاستفادة منهم في تدريس مواد الدراسات العليا أو في الإشراف على طلاب الماجستير والدكتوراة يفقد الجامعة الكثير من السمعة على مستوى العالم، فالخبرات المتراكمة لهؤلاء الأساتذة جاءت بعد سنوات من البحث والعلم.. كثيراً من الجامعات العالمية لم يقصدها الطلاب إلا لوجود عالم مشهور أو أحد طلابه يُدَّرِس فيها؛ فعلى سبيل المثال جامعة كاليفورنيا بيركلي الأمريكية كان أحد أسباب شهرتها على مستوى العالم وجود عالم الفيزياء الشهير (روبرت أوبنهايمر) خلال الحرب العالمية الثانية.. وعالم الفلك الأشهر (ستيف هوكينج) كان أحد أسباب شهرة جامعة كمبردج البريطانية، والبرفسور (هارولد أموس) عالم الأحياء الدقيقة وعميد كلية الطب في جامعة هارفرد هو أحد أسباب تقدم الجامعة في التصنيفات العالمية للجامعات، وكذلك عالم جراحة الأعصاب في جامعة ديوك (إيرك جارفيس).

شخصياً لم أختر جامعة مقاطعة ويلز البريطانية لإكمال دراستي في الإحصاء التطبيقي إلا لوجود إحدى طالبات عالم القرن في مجال الإحصاء الرياضي البرفسور (ديفيد ليندلي)، وهي البروفسورة (سيلفيا لوتكنز) في قسم الإحصاء بكلية العلوم في هذه الجامعة.. فالتفريط في الكفاءات العلمية يفقد المؤسسة التعليمية العالية الكثير من السمعة، أعرف أنه ليس الجميع مبدع ومنتج، ولكن البقاء للعطاء.. فعطاء عضو هيئة التدريس لا يرتبط بعمر معين، فهناك الوزير السابق، والمدير السابق، واللواء السابق، غير أنه ليس هناك العالم السابق.

البرفسور «جون جود يناف»، أستاذ فيزياء الجوامد، أجبرته جامعة أكسفورد البريطانية الشهيرة على ترك العمل كعضو هيئة تدريس فيها بحجة بلوغه سن التقاعد الذي تم تحديده من قبل الجامعة، وهو خمسة وستون عامًا، بعد تركه الجامعة هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتحق بجامعة تكساس في مدينة أوستن التي لا تلتزم بسن للتقاعد بل تشترط العطاء والإنتاجية.

وخلال عمله في جامعة تكساس أوستن حصل على الكثير من الجوائز والأوسمة منها جائزة (أنريكو فيرمي)، وقلادة (العلوم الوطنية)، ووسام (كوبلي)، ووسام (بينجامين فرانكلين)، والمفاجأة أنه عند بلوغه السابعة والتسعين عامًا من العمر، حصل على جائزة نوبل العالمية في مجال الكيمياء لدوره الكبير في تطوير بطاريات أيون الليثيوم بطريقة مبتكرة وعبقرية، ليثبت هذا العالم الفذ أن التقاعد الإجباري للكفاءات يتسبب في فقدان الكثير من الخبرات لأنه لا عمر محدد للإبداع والتميز والعطاء، وأن العمر هو مجرد رقم ليس أكثر. إن الجامعات بحاجة لإعادة النظر في سن التقاعد لعضو هيئة التدريس ويجب اقتراح صيغة تسمح للجامعات بالاحتفاظ بالأساتذة المتميزين طوال حياتهم ما داموا قادرين على العطاء.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store