Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

سلتــحة

A A
يرمز عنوان المقال إلى الممارسات السلبية الاستغلالية. وأكتب هذه الكلمات وأنا في حالة ألم في رأسي بسبب قبيلة من البكتريا الخبيثة التي عشعشت بداخل الفراغات في جمجمتي.

استوطنوا جيوبي الأنفية فجعلوها «تكية» دافئة، رطبة، ومريحة لتصبح حالة سلتحة جرثومية.. وهذه السلوكيات السخيفة نعتبرها «تطفلات» ونطلق على من يمارسها اسم «طفيليات» ولكنها أكبر من ذلك.

والصورة الدارجة للسلاتيح أنهم فئة معينة من المخلوقات الضعيفة وأنهم يلجأون للحيلة للوصول إلى الأقوياء للاستغلال و زرع المرض والدمار، وهذا المفهوم الضيق يحتاج إلى التصحيح. المحزن والغريب أن ممارسة السلتحة بشكل أو آخر هي من الأنشطة التي تمارسها معظم المخلوقات في العالم.. ولا تمارس من الضعفاء ضد الأقوياء فحسب، ولا من الصغار ضد الكبار كما يعتقد الناس.

وإليكم بعضاً من غرائبها: بعض أنواع الزنابير تغرس بيضها بداخل أجسام ضحاياها من الديدان وتبقيها على قيد الحياة لكي تضمن عندما يفقس البيض بداخلها، أن يخرج صغارها فيلتهموا لحم الفريسة الطازج من عمق أحشائها.. منتهى القسوة.. وهناك بعض من الديدان السلاتيح التي تعيش في مياه الأنهار وتستهدف الأجهزة العصبية لبعض الأسماك لتغير طريقة السباحة لديهم. تجعلهم يسبحون بالقرب من سطح الماء ويتقلبون لتظهر بطونهم اللامعة.. ويتسبب ذلك في جعلهم فريسة سهلة للطيور التي تعيش على ضفاف النهر فتأكلهم وتنقل الديدان بداخلهم ليتسع انتشارها.. يعني تجبر الديدان الطفيلية ضحاياها من الأسماك الغلابى على الانتحار.. وهناك أيضا بعض الديدان الطفيلية التي تغزو السلطعون الشهير باسم «أبي مقص» لتجعله مخلوقاً مسلوب الإرادة، بل وتوقف قدراته على التكاثر.. يعني يصبح المثال الأقوى لمفهوم «الإمّعة».

ومن غرائب السلتحة نجد تأثيرات الكائن الطفيلي أحادي الخلايا المسبب لداء الملاريا واسمه «بلازموديوم».. يعيش هذا المخلوق بداخل الناموسة ويستمتع بالتنقل إلى جسم ضحاياه جواً.. والمفاجأة هنا هي أن سلوكيات الناموسة في مص الدماء تشكل خطورة على السلتوح بداخلها لأنها قد تقتل على يد من تقرص.. وردة الفعل هنا هي أن الجرثومة تؤثر على نشاط الباعوض.. تصدر مواد كيماوية «لتهجد» الحشرة فتقلل من نشاطها.

ولا تفوتنا حالة الفئران الانتحارية وقصتها غريبة جداً فعند اصابتها بكائن طفيلي اسمه «توكسو جوندي» تتغير سلوكيات الفئران وتصبح شجاعة إلى حد التهور.. وتنجذب إلى روائح بول الهرة أعزكم الله ويتسبب هذا في سهولة الانقضاض عليه والفتك به من الهرر.

والقصة هنا أن خطة السلتوح هي التكاثر في أمعاء الهرة وهو المكان الوحيد الذي ممكن أن يتكاثر فيه بعدما تلتهم الفأر.

أمنيـــــــة

كما ذكرت في مطلع المقال أن معظم الكائنات تمارس السلتحة بشكل أو آخر، ولذا فما جاء أعلاه هو مجرد عينة ضئيلة جداً من التهاويل التي تمارس حولنا اليوم وكل يوم.

ولكن يبقى موضوع السلاتيح البشرية وأكيد أنه يحتاج إلى وقفات خاصة في مقالات قادمة. أتمنى أن يقينا الله شرور السلتحة والسلاتيح بجميع أشكالها وأنواعها، وهو من وراء القصد.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store